للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما وجه جواز هذا الغلط على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال ابن عباس في رواية عطاء: إن شيطانًا يقال له الأبيض كان قد أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- في صورة جبردل وألقى في قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنهن (١) الغرانقة العلى وإن شفاعتهن لترتجى (٢).


= {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: ١٢] إلخ الآيات.
وكأن إحدى الطائفتين من القرآن شرح للأخرى. فالذين في قلوبهم زيغ هم الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم. والراسخون في العلم هم الذين أتوا العلم، وهؤلاء هم الذين يعلمون أنه الحق من ربهم. فيقولون آمنا به كل من عند ربنا، فتخبت له قلوبهم، وإن الله لهاديهم إلى صراط مستقيم. وأولئك هم الذين يفتتنون بالتأويل، ويشتغلون بقال وقيل بما يلقي إليهم الشيطان، ويصرفهم عن رامي البيان، ويميل بهم عن محجة الفرقان. وما يتكئون عليه من الأموال والأولاد، لن يغني عنهم من الله شيئًا. فستوافيهم آجالهم، وتستقبلهم الأنباء مع أممهم، وسبيل الحق مع الباطل من يوم أن رفع الله الإنسان إلى منزلة يميز فيها بين سعادته وشقائه، وبين ما يحفظه وما يذهب ببقائه. وكما لا مدخل لقصة الغرانيق في آيات آل عمران، لا مدخل لها في آيات سورة الحج، هذا هو الوجه الأول في تفسير آيات (وما أرسلنا) إلى آخرها، على تقدير أن (تمنَّى) بمعنى (قرأ) وأن (الأمنية) بمعنى (القراءة) والله أعلم".
ثم ذكر الشيخ محمد عبده وجهًا ثانيًا في تفسير الآيات مبنيًّا على أن التمني هو على معناه المعروف من الأمنية. واقتصرنا على الوجه الأول؛ لأن عامّة المفسرين على أن التمني هنا بمعنى القراءة.
(١) في (ظ)، (ع): (وإنّهن).
(٢) ذكره الرازي ٢٣/ ٥٣ من روايه عطاء عن ابن عباس، وذكره القرطبي ١٢/ ٨٤ عن ابن عباس، وذكره البغوي ٥/ ٣٩٤ من غير نسبه.
وهذا قول لا يصح عن ابن عباس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>