للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه إذا قال: (كاد يفعل) فإنما يعني قارب الفعل، وإذا قال: (لم يكد يفعل) يقول: لم يقارب الفعل. هذا كلامه (١).

فعند الأخفش والمبرّد إذا قلت: لم يكد يفعل، نفي للفعل والمقاربة منه. وقال ابن الأنباري: قال اللغويون: (كدت أفعل) معناه [عند العرب: قاربتُ الفعل ولم أفعل، و (ما كدت أفعل) معناه] (٢): فعلت بعد إبطاء، وشاهده قوله: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١] معناه: فعلوا بعد إبطاء، لتعذَّر وجدان البقرة عليهم.

قال: وقد يكون (ما كدت أفعل) بمعنى: ما فعلت ولا قاربت، إذ أُكِّد الكلام بأكاد وجعل صلة (٣). وعلى ما ذكره (يكد) صلة في الآية وتأكيد، والمعنى: لم يرها. وأنشد:

سريعٌ إلى الهيجاء شاك سلاحه ... فما إن يكادُ قرنهُ يتنفس (٤)


(١) كلام الأخفش في "تهذيب اللغة" للأزهري ١٠/ ٣٢٨ (كاد)، وهو في "معاني القرآن" للأخفش ٢١/ ٥٢٥ مع اختلاف يسير.
(٢) ساقط من (ظ).
(٣) كلام ابن الأنباري بنصه في "تهذيب اللغة" ١٠/ ٣٢٩ (كاد) دون قوله: وجعل صلة. وفي "الأضداد" لابن الأنباري ص ٩٨، و"الزاهر في معرفة كلام الناس" له أيضًا ٢/ ٩٠ - ٩١ نحو هذا الكلام.
(٤) هذا البيت أنشده ابن الأنباري في "الأضداد" ص ٩٧ من غير نسبة، وروايته فيه: سريعًا إلى الهيجاء.
وأنشده أيضًا في "الزاهر" ٢/ ٩٠ وفي "إيضاح الوقف والابتداء" ٢/ ٨٠٠ من غير نسبة. والبيت لزيد الخيل، وهو في "ديوانه" ص ٧٤، والطبري ١٦/ ١٥١، و"بصائر ذوي التمييز" للفيروزآبادي ٤/ ٤٠٠، و"تاج العروس" للزبيدي ٩/ ١١٩ (كود).
والهيجاء: الحرب، و"شاك سلاحه" أي: لبس سلاحه لبسًا تامًا فلم يدع منه شيئًا. وقرنه -بالكسر-: هو كفؤه ونظيره في الشجاعة والحرب. انظر: "لسان العرب" ٢/ ٣٩٥ (هيج) ٩/ ٤٥٢ (شكك)، ١٣/ ٣٣٧ (قرن).

<<  <  ج: ص:  >  >>