للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد أعداء من مشركي قومك، كذلك جعلنا لكل نبي عدوًا من كفار قومه (١).

والعدوُّ هاهنا يجوز أن يكون في معنى الجماعة، كما قال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} (٢) [الشعراء: ٧٧] قال مقاتل: يقول لا يكبرن عليك فإن إلاَّنبياء قبلك قد لقيت هذا التكذيب من قومهم (٣).

وقال السدي: لم يبعث نبي قط إلا والمجرمون له أعداء، وبعضوهم أشد عليه من بعض. وكان عدو النبي -صلى الله عليه وسلم- من قريش بنو أمية وبنو المغيرة (٤). ولهذا دخل حرف التخصيص في قوله: {مِنَ الْمُجْرِمِينَ} (٥) قال الكلبي: إن كل نبي أتى قومه كان بعضهم أغلظ من بعض وأسوأ قولاً، وصنيعًا، وبعضهم يستحي من ذلك وهو ألين قولاً، وأكف شرًا. ويجوز أن يكون المراد بقوله: {عَدُوًّا} واحداً من المجرمين، ممن كان أشد المشركين


= الأذى، وتحمل العناد والاستكبار، حتى يأتي الله بأمره ذكر البرسوي ٦/ ٢٠٨، عن أبي بكر بن طاهر، أنه قال: رُفعت درجات الأنبياء والأولياء بامتحانهم بالمخالفين، والأعداء. ونظير هذه الآية، قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام ١١٢].
(١) "تفسير الطبري" ١٩/ ١٠، بنحوه. وأخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٨٨، عن ابن عباس، في قوله تعالى: {مِنَ الْمُجْرِمِينَ} قال: الكفار. وهو في "الوسيط" ٣/ ٣٣٩، بنصه، ولم ينسبه.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٦. وجزم بهذا ابن جزي ص ٤٨٤، حيث قال: العدو هنا جمع. ورجحه ابن عاشور ١٩/ ١٨.
(٣) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ أ.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٨٨.
(٥) وصف أعداء الأنبياء بأنهم من المجرمين، أي: من جملة المجرمين، فإن الإجرام أعم من عداوة الأنبياء، وهو أعظمها. "التحرير والتنوير" ١٩/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>