للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عباس: ونسقي من ذلك الماء أنعامًا، ونسقي من ذلك الماء أيضًا بشرًا كثيرًا، وهو قوله: {وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا}

قال الفراء، والزجاج: واحد الأناسي إنسي، مثل: كرسي، وكراسي. ويجوز أن يكون الأناسي جمع إنسان، وتكون الياء الأخيرة بدلًا من النون؛ الأصل: أناسِين بالنون، مثل: سراحين (١).

قال الفراء: وإذا قالوا: أناسين، فهو بَيِّن مثل: بستان وبساتين. قال: ويجوز: أناسيَ، مخففة الياء، أسقطوا الياء التي تكون فيما بين لام الفعل، وعينه، مثل: قراقير وقراقر (٢). قال: وتقول العرب: أناسيةٌ كثيرة (٣). وإنما قال: كثير، ولم يقل: كثيرون كما قال: {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} [الشعراء: ٥٤] لأنه قد جاء فعيل مفردًا يراد به الكثرة، نحو قوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ


(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٩، بمعناه. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٧١، بنصه. ونسبه في "الدر المصون" ٨/ ٤٨٨، لسيبويه. وفي حاشية الدر: ليس في الكتاب إشارة إلى ذلك. قوله: سراحين، جمع سِرْحان. إعراب القرآن للنحاس ٣/ ١٦٣. وهو: الذئب، ويجمع على سَرَاحين، وسَرَاحِيّ. "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠١ (سرح). وفي الحديث: "فأما الفجر الذي يكون كذنب السِّرحان فلا تحل الصلاة فيه، ولا يحرم الطعام". أخرجه الحاكم ١/ ٣٠٤ وقال: إسناده صحيح، ووافقه الذهبي. وقد أنكر ابن جني أن يكون: أناسي، جمع إنسان أو جمع تكسير، ونقد في ذلك الفراء. وتعقب أيضًا أبو البركات ابن الأنباري، قول الفراء؛ فقال: وهو ضعيف في القياس؛ لأنه لو كان ذلك قياسًا لكان يقال في جمع سرحان: سراحيّ، وذلك لا يجوز. "البيان في إعراب القرآن" ٢/ ٢٠٦. ولم يذكر وجه المنع، وقد سبق قول الأزهري في جواز جمعه على هذا. والله أعلم.
(٢) جمع: قرقور، وهي: السفينة، أو العظيمة من السفن. "تهذيب اللغة" ٨/ ٢٨٢ (قر).
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>