للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {لِمَا تَأْمُرُنَا} خطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- وكأنهم تلقوا أمره بالرد والإنكار عليه (١). ومن قرأ: بالياء (٢)؛ فقال أبو عبيد: تراه أراد لما يأمرنا الرحمن. وليس بالوجه؛ لأنهم لو أقروا أن الرحمن تبارك وتعالى هو الآمر، ما كانوا كفارًا، إنما كانت مقالتهم تلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يقول أهل التفسير؛ وذلك أنهم قالوا: يعنون أنسجد لما يأمرنا رحمن اليمامة (٣). تكبرًا منهم واستهزاء. ونحو هذا ذكر الفراء، في قراءة من قرأ: بالياء (٤).

وقال أبو علي: من قرأ بالياء فالمعنى: أنسجد لما يأمرنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بالسجود له، على وجه الإنكار منهم لذلك. ولا يكون على: أنسجد لما يأمرنا الرحمن بالسجود له؛ لأنهم أنكروا الرحمن بقولهم: {وَمَا الرَّحْمَنُ} (٥).


= هذه اللفظة عربية، وهم كانوا يعلمون أنها تفيد المبالغة في الإنعام. واستظهر هذا المعنى، ونصره أبو حيان ٦/ ٤٦٦.
(١) "تفسير الهواري" ٣/ ٢١٦. و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤٦.
(٢) قرأ بالياء: حمزة، والكسائي. "السبعة في القراءات" ص ٤٦٦، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤٦، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٣٤.
(٣) ذكر قول أبي عبيد، النحاس، في "إعراب القرآن" ٣/ ١٦٥، و"القطع والائتناف" ٢/ ٤٨٧، مع شيء من الاختلاف. وما ذَكر عن أهل التفسير؛ في "تفسير مقاتل" ص ٤٦ ب. و"تفسير ابن جرير" ١٩/ ٢٩.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧٠. ويمكن توجيه قراءة الياء على معنى: أنسجد لما يأمرنا الله تعالى حسب زعمك وقولك.
(٥) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤٦. ذكره الهواري ٣/ ٢١٥؛ فقال: ومن قرأها بالياء، فيقول: يقوله بعضهم لبعض: أنسجد لما يأمرنا محمد.
قال ابن جرير ١٩/ ٢٨: إنهما قراءتان مستفيضتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحد منهما علماء من القراء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>