للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى الضحاك عن ابن عباس، في هذه الآية، قال: من أنفق مائة ألف في حق فليس بسرف، ومن أنفق درهمًا في غير حق فهو سرف، ومن منع من حق فقد قتر (١).

وقال سفيان في هذه الآية: لم يضعوا في غير حقه، ولم يقصروا عن حقه. وقال الحسن: لم ينفقوا في معاصي الله، ولم يمسكوا عن فرائض


= جَلَدِه وصبره، في الدين، ومنع غيره من ذلك. ونقله القرطبي ١٣/ ٧٣، ولم يعترض عليه. واستظهر هذا القول الشنقيطي ٦/ ٣٥١.
(١) قال مجاهد: لو أنفقت مثل أبي قبيس ذهباً في طاعة الله ما كان سرفاً، ولو أنفقت في معصة الله كان سرفاً. "تفسير ابن جرير" ١٩/ ٣٧. وأخرج ابن جرير ١٩/ ٣٧، وابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٢٥، ٢٧٢٦، عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة: هم المؤمنون لا يسرفون فينفقدن في معصية الله، ولا يُقترون فيمنعون حقوق الله تعالى. وأخرج نحوه ابن جرير ١٩/ ٣٧، عن ابن جريج، وابن زيد. وعلى هذا الإسراف: النفقة في معصية الله؛ ولكن يشكل على هذا تجاوز الحد في المباح، أو الطاعة، كإكرام الضيف، ونحوه، فهل يسمى هذا سرفاً أم لا؟ ولعل الصواب في ذلك أن يقال: التبذير: الإنفاق في معصية الله، قليلاً كان أو كثيرًا، والإسراف: تجاوز الحد في المباح، والتقتير: المنع من الواجب. ويدل لهذا التفصيل قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: ٣١] وقَول النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ. أخرج البخاري الحديث المرفوع والموقوف معلقاً بصيغة الجزم، في كتاب اللباس، "فتح الباري" ١٠/ ٢٥٢. وأخرج المرفوع ابن ماجه ٢/ ١١٩٢، كتاب اللباس، رقم ٣٦٠٥، والنسائي، "السنن الكبرى" ٢/ ٤١، كتاب الزكاة، رقم ٢٣٤٠، وحسنه الألباني، "صحيح سنن ابن ماجه" ٢/ ٢٨٤، رقم ١٩٠٤. وبهذا تجتمع أقوال السلف، وعباراتهم في التفريق بين ذلك. والله أعلم. وذكر أقوالهم: ابن جرير ١٥/ ٧٢، وذكرها الواحدي في "الوسيط" ١٩/ ٣٨، وابن كثير ٦/ ١٢٤. وهو اختيار ابن جرير ٣٨/ ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>