للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب قوم إلى أن الله تعالى يمحو السئية عن العبد، ويثبت له بدلها الحسنة بحكم هذه الآية. ويحتجون بما روى أبو هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليتمنين أقوام أنهم أكثروا من السيئات! قيل: من هم؟ قال: الذين بدل الله سيئاتهم حسنات" (١). وهذا مذهب سعيد بن المسيب، ومكحول، وعمرو بن ميمون، قال سعيد: صيَّر سيئاتهم حسنات لهم يوم القيامة (٢).


(١) أخرجه الحاكم ٤/ ٢٨١، كتاب التوبة والإنابة، رقم: ٧٦٤٣. وقال: إسناده صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه الثعلبي ٨/ ١٠٤ أ، مرفوعاً للنبي -صلى الله عليه وسلم-. وأخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٣٣، موقوفاً على أبي هريرة، كلهم من طريق أبي العنبس عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- لكن متن ابن أبي حاتم مختلف، ولفظه: "ليأتين الله بأناس يوم القيامة رأوا أنهم قد استكثروا من السيئات، قيل: من هم يا أبا هريرة؟ قال: الذين يبدل الله بسيئاتهم حسنات". وأبو العنبس، هو: سعيد بن كثير. الحاكم ٤/ ٢٨١. وحسن إسناده الألباني، في "السلسة الصحيحة" ٥/ ٢٠٩، رقم: ٢١٧٧.
(٢) أخرجه ابن جرير ١٩/ ٤٧، وابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٣٣، بنحوه. وساقا بإسنادهما حديثاً مرفوعاً، من رواية أبي ذر -رضي الله عنه- وفيه "فيقول: يا رب لقد عملت أشياء ما أراها هاهنا، قال: فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، قال: فيقال له: لك مكان كل سيئة حسنة". وأخرجه مسلم ١/ ١٧٧، كتاب الإيمان، رقم: ١٩٠، من الطريق نفسه، وأخرجه الثعلبي ٨/ ١٠٤ أ، والواحدي في "الوسيط" ٣/ ٣٤٧، وصححه. وذكر خبراً ثالثاً يدل على ذلك.
ولم يرجح الواحدي -رحمه الله- أحد هذين القولين، وكذا السمرقندي، في تفسيره ٢/ ٤٦٧، مع ذكرهم لهذا الحديث، وهو ظاهر مع الذي قبله في أن التبديل حقيقي، ولا عبرة بقول من أنكره، وأما القول بأن المراد تغير أعمالهم في الدنيا من الفساد إلى الصلاح فلا ينافي هذا القول فإن هذا في الدنيا، والتبديل في الآخرة، كما هو ظاهر من سياق الحديث. والله أعلم. والعجب من الواحدي الذي أورد هذا الحديث، هنا، وفي "الوسيط" مع غيره مما يؤيد معناه، ومع ذلك فقد اقتصر في "الوجيز" ص ٧٨٤، على القول الأول، ولم يذكر القول الثاني. ومثله =

<<  <  ج: ص:  >  >>