للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي عن ابن عباس، في سبب تفقد الطير: أنها كانت تظله، فوقعت نفحة من الشمس على رأسه، فنظر وتفقد الطير، فإذا موضح الهدهد خالٍ، فذلك قوله: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} (١) قال أبو إسحاق: معناه: بل كان من الغائبين (٢).

قال مقاتل: والميم هاهنا صلة (٣) كقوله: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} [الطور: ٤١، القلم: ٤٧] (٤). ونحو هذا قال الكسائي.

وقال المبرد: لما تفقد سليمان الطير ولم ير الهدهد قال: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} على تقدير أنه مع جنوده وهو لا يراه، ثم أدركه الشك، فشك (٥) في غيبته عن ذلك الجمع حيث لم يره، فقال (٦): {أَمْ كَانَ مِنَ


= شهر، فكيف مع ذلك يحتاج إلى الهدهد .. والشاهد: أن تفقد سليمان -عليه السلام- للطير، وفقده الهدهد يدل على كمال حزمه، وتدبيره للملك بنفسه، وكمال فطنته، حتى تفقد هذا الطائر الصغير.
(١) أخرجه ابن جرير ١٩/ ١٤٤، بنحوه. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٦١، عن سفيان. قال ابن جرير: والله أعلم بأي ذلك كان إذ لم يأتنا بأي ذلك كان تنزيل، ولا خبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحيح.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١١٣. فأم، منقطعة بمعنى: بل.
(٣) أي: حرف زائد، فيكون المعنى على الاستفهام: أكان من الغانيين والظاهر في الآية أنها أم المنقطعة. وجزم بذلك الزمخشري ٣/ ٣٤٦. قال أبو حيان: والصحيح أن أم في هذا هي المنقطعة؛ لأن شرط المتصلة تقدم همزة الاستفهام، فلو تقدمها أداة الاستفهام غير الهمزة كانت أم منقطعة، وهنا تقدم ما ففات شرط المتصلة، وقيل: يحتمل أن تكون من المقلوب، وتقديره: ما للهدهد لا أراه، ولا ضرورة إلى ادعاء القلب. "البحر المحيط" ٧/ ٦٢، وتبعه في ذلك السمين الحلبي، "الدر المصون" ٨/ ٥٩٢.
(٤) "تفسير مقاتل" ٥٨ أ. وذكره البغوي ٦/ ١٥٣، ولم ينسبه.
(٥) في نسخة: (ج): فقال.
(٦) فقال، غير موجودة في (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>