للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمعنى: بل، وقالوا: إن أحدهما يقوم مقام الآخر (١).

وإلى هذا ذهب أبو علي؛ فقال: المعنى: إنهم لم يدركوا علم الآخرة، أي: لم يعلموا حدوثها وكونها، ومعنى قوله: {فِي الْآخِرَةِ} معنى الباء، أي: علمهم بالآخرة، قال: وهذا كما تقول: أجئتني بالأمس أي: لم تجئ، والمعنى: لم يدرك علمهم بحدوث الآخرة (٢).

وهذا الوجه غير ما حكينا عن مقاتل وابن عباس والسدي، ولم يَفصل أبو علي بين القراءتين -كما فصل أبو إسحاق- وأجراهما على الاستفهام الذي معناه الإنكارة ويؤكد هذا الوجه قراءة ابن عباس: {بَلى أدَّارَكَ} بالاستفهام (٣).

قال الأزهري: هو استفهام فيه رد وتهكم، ومعناه: لم يدرك علمهم في الآخرة (٤).


(١) وهذا قول الفراء. "معاني القرآن" ٢/ ٢٩٩. ورجحه ابن جرير ٢٠/ ٨، على قراءة: {بَلِ ادَّارَكَ}.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠٠.
(٣) أخرج هذه القراءة ابن جرير ٢٠/ ٦، من طريق أبي حمزة، وقال ابن جرير في ضبطها: وكان ابن عباس فيما ذكر عنه يقرأ بإثبات ياء في: بل، ثم يبتدئ: أدَّارك، بفتح ألفها على وجه الاستفهام، وتشديد الدال. ثم قال بعد ذلك: فأما القراءة التي ذكرت عن ابن عباس، فإنها وإن كانت صحيحة المعنى والإعراب فخلاف ما عليه مصاحف المسلمين، وذلك أن في: بلى، زيادة ياء في قراءته ليست في المصاحف، وهي مع ذلك قراءة لا نعلمها قرأ بها أحد من قراء الأمصار. وقال عنها النحاس: إسناده صحيح. "إعراب القرآن" ٣/ ٢١٨. وذكر هذه القراءة ابن خالويه، ونسبها لابن عباس، وأبي حيوة، وكتبت هكذا: [بَلْ أدْرَكَ] "شواذ القراءات" ١١١، كما ذكرها ابن جني، "المحتسب" ٢/ ١٤٢، وكتبت هكذا: [بَلى ادْرَكَ] ممدودًا.
(٤) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٤ (درك). وقد كتبت القراءة عنده هكذا: بلى أأدرك. وأما =

<<  <  ج: ص:  >  >>