للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الأزهري: وهذا يوافق قول السدي؛ لأن معنى: تواطأ تحقق واتفق حين لا ينفعهم (١).

وقال أبو إسحاق: من قرأ: (بَلِ ادَّارَكَ) وهو الجيد؛ فعلى معنى: بل تدارك، أي: بل تكامل علمهم يوم القيامة بالبعث، وبأن كلَّ ما وعدوا حق. قال: ومن قرأ: (بَلْ أدْرَكَ) فهو على معنى: التقرير والاستخبار؛ كأنه قيل: لم يُدرك علمهم بالآخرة، أي: ليس يقفون في الدنيا على حقيقتها، ثم بيَّن ذلك في قوله: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا} وقالوا في تفسير: (بَلْ أدرَكَ) أم أدرك. هذا كلامه (٢).

وقد فَصَل الزجاج بين القراءتين، فجعل القراءة الثانية استفهامًا بمعنى الإنكار، وحرف الاستفهام: (بل)، الذي هو بمعنى: (أم)، وبهذا قال جماعة، وأنشدوا أبياتًا؛ منها قوله:

أمِ النومُ أمْ كلٌّ إليَّ حبيبُ (٣)


= ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩١٤، بلفظ: لم يدرك علمهم في الآخرة. وفي "تفسير مجاهد" ٢/ ٤٧٥ في قول الله تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ} يقول الله: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا}.
(١) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٣ (درك).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٢٧. وذكر نحوه النحاس، "إعراب القرآن" ٣/ ٢١٨.
(٣) أنشده الفراء، "معاني القرآن" ٢/ ٢٩٩، كاملًا, ولم ينسبه، وصدره:
فواللَّه ما أدري أسلمى تغولت
يقال: تغولت المرأة: إذا تلونت. "تهذيب اللغة" ٨/ ١٩٣ (غال). وأنشده كذلك ابن جرير ٢٠/ ٨. وذكره الأزهري من إنشاد الفراء، "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٢ (درك). ولم ينشده الزجاج عند هذه الآية. وأنشده الثعلبي ٨/ ١٣٤ أ، ولم ينسبه. ونسب لعقبة المضرب برواية:
فوالله ما أدري أسلمى تفولت ... أم الحلم أم كل إلى حبيب

<<  <  ج: ص:  >  >>