للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عطاء عن ابن عباس: يريد بالموتى: الأحياء الذين طبع الله على قلوبهم.

يعني: ضرب لهم المثل بالموتى وشبه حالهم في أنهم لا ينتفعون بما يسمعون بحال الموتى الذين لا يسمعون بتةً (١).


(١) فهذا قولان في المراد بالموتى؛ الأول: الميت الذي فارقته الروح، والثاني: ميت القلب الذي لا ينتفع بما يسمع من الخير، أي: لا تُسمع الكفار الذين أمات الله قلوبهم. وظاهر كلام الواحدي ميله للقول بأن الميت في الآية: الذي فارقته الروح، واقتصر على هذا القول في تفسيره؛ "الوسيط" ٣/ ٣٨٤، وأما في "الوجيز" ٢/ ٨٠٩، فقال: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} الكفار. ولم يزد على ذلك. والذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن القول الثاني أقرب للصواب؛ وذلك لثبوت سماع الميت في قبره؛ كما في قصة غزوة بدر، وسماع الميت قرع نعال أصحابه إذا تولوا عنه، وغير ذلك من الأحاديث. واقتصر ابن جرير ٢٠/ ١٢، على هذا القول؛ فقال: يقول: إنك يا محمد لا تقدر أن تُفهِم الحق من طبع الله على قلبه فأماته؛ لأن الله قد ختم عليه ألا يفهمه وأحسن الشنقيطي، تقرير هذا بأدلته وشواهده. أضواء البيان ٦/ ٤١٦ إلى ٤٣٩.
وممن ذهب إلى أن النفي في الآية نفي سماع الميت جميع الكلام المعتاد: أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وقد ردت فيه على من روى تكليم النبي -صلى الله عليه وسلم-، لصناديد قريش بعد أن قذف بهم في القليب، وقد أخرج ذلك البخاري في صحيحه من طريق قتادة؛ قال: ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعَرْصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليه رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شَفةِ الرَّكي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم؛ "يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان: أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ " قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده ما =

<<  <  ج: ص:  >  >>