للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: سمى البنات نساء على تقدير أنهن يكن نساء، وقيل: جمع الكبار والصغار بلفظ النساء، لأنهم كانوا يستبقون جميع (١) الإناث، فجرى اللفظ على التغليب كما يطلق الرجال على الذكور وإن كان فيهم صغار (٢). فإن قيل: فما في استحياء النساء من سوء العذاب؟

قيل: إن استحياء النساء على ما كانوا يعملون بهن أشد في المحنة من قتلهن، لأنهن يستعبدن وينكحن على الاسترقاق، والاستبقاء للإذلال استبقاء محنة (٣).

قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}. البلاء: اسم ممدود من البلو، وهو الاختبار والتجربة (٤). يقال: بَلاَه يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه، وَبَلاَه يَبْلُوهُ بَلْواً إذا ابتلاه الله ببلاء (٥).

قال أبو الهيثم: البلاء يكون حسنا ويكون سيئا، وأصله: المحنة، والله عز وجل يبلو عباده بالصنيع الحسن، ليمتحن شكرهم عليه، ويبلوهم بالبلوى الذي يكرهون، ليمتحن صبرهم، فقيل للحسن: بلاء، وللسيئ: بلاء (٦) لأن أصلهما: المحنة، ومنه قوله: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ}


(١) (جميع) ساقط من (ب).
(٢) واختار هذا الوجه ابن جرير في "تفسيره" ١/ ٢٧٤، انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٦، " القرطبي" ١/ ٣٣٠، "البحر" ١/ ١٦٤.
(٣) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٨٦، "زاد المسير" ١/ ٧٨، "الرازي" ١/ ٦٨، "البحر" ١/ ١٩.
(٤) انظر: "التهذيب" (بلا) ١/ ٣٧٩، "اللسان" (بلا) ١/ ٣٥٥.
(٥) ذكره الأزهري عن الأصمعي. "التهذيب" (بلا) ١/ ٣٧٩.
(٦) ذكره الهروي عن أبي الهيثم، ولفظه: (يبلو عبده) بلفظ المفرد "الغريبين" ١/ ٢٠٩، ٢١٠، وذكره القرطبي في "تفسيره" عن الهروي ١/ ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>