للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ثبت جواز إضافة العجب إلى الله، وهو على وجهين: عجيب مما يرضى وعجب مما يكره، فالعجب مما يرضى معناه في صفة الله الاستحسان وأخبر عن تمام الرضى. والعجب بما يكره الإنكار والذم له. وذهب قوم إلى أنه لا يجوز العجب في وصف الله، وقالوا في قوله: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} [الرعد: ٥] أي: فعجب عندكم، وقالوا في هذه القراءة: معناها أن هذه الحالة وهي إنكارهم البعث مع وضوح الدلالة عليه وهو الإبتداء والإنشاء حلت محل الشيء الذي إذا ورد عليكم عجبتم منه، ويقول سامعها عجبت كما أن قوله: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: ٣٨] معناه أن هؤلاء مما [يقولون أنتم فيه هذا النحو من الكلام، وكذلك قوله: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: ١٧٥]. عند من لم يجعل اللفظ على الاستفهام، وعلى هذا النحو قوله: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤] (١).

قالوا: ولا يجوز العجب في وصف القديم (٢) كما يكون في وصف الإنسان؛ لأن العجب منا إنما يكون إذا شاهدنا ما لم نشاهد مثله ولم نعرف سببه، وهذا منتف عن القديم سبحانه وتعالى، وهذا مذهب المعتزلة. ومذهب أهل السنة أن العجب قد ورد مضافًا إلى الله في كثير من الأخبار كما روى: "عجب ربكم من إلِّكُم وقنوطكم، وعجب ربكم من شاب ليست له


(١) ما بين المعقوفين يبدو أنه كلام لا علاقة له بالسياق فلعله وهمٌ من النساخ.
(٢) وصف الله جل وعلا بالقديم مما أدخله المتكلمون في أسماء الله تعالى وليس من أسمائه الحسنى, لأن القديم في لغة العرب هو المتقدم على غيره، وقد جاء الشرع المطهر باسمه الأول، وهو أحسن من القديم, لأنه يشعر أن ما بعده آيل إليه.
انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ١/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>