ولعل الراجح والله أعلم هو القول القائل بان الذبيح هو إسماعيل -عليه السلام-، والقائلون بهذا القول يستدلون بالشواهد التاريخية، وبما عند أهل الكتاب في التوراة والإنجيل، وكذلك بالقرآن. ونحن هنا نذكر أدلة هؤلاء من وجهة النظر الإسلامية بعيدًا عن الشواهد التاريخية وما يستنبط من التوراة والإنجيل، وذلك من أجل الاختصار والإيجاز وبُعدًا عن الإطالة، ومن أراد الاستزادة من الأدلة فليرجع إلى المراجع التي سوف أشير إليها بعد ذكر أدلة القول الراجح. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد في هدي خير العباد" ١/ ٧١: وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجهاً، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه يقول: هذا القول -أن الذبيح إسحاق- إنما هو متلقى من أهل الكتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم. فإن فيه أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بكره وفي لفظ وحيده، ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده. والذي غرَّ أصحاب هذا القول أن في التوراة التي بأيديهم اذبح بكرك ووحيدك، ولكن اليهود حسدت بني إسماعيل على هذا الشرف ... ثم قال: وكيف يسوغ أن يقال إن الذبيح إسحاق والله تعالى قد بشَّر أم إسحاق به وبابنه يعقوب، فقال تعالى عن الملائكة أنهم قالوا لإبراهيم لما أتوه بالبشرى: {لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: ٤٠ - ٧١] فمحال أن يبشرها بأنه يولد له ولد ثم يأمر بذبحه. ويدل عليه أيضًا أن الله سبحانه لما ذكر قصة إبراهيم وابنه الذبيح في سورة الصافات قال: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي =