الثاني: موافقته إلى ما ذهبت إليه المعتزلة، يفهم ذلك من قوله: "والصحيح في هذا ما روى عطاء عن ابن عباس إلى قوله: وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب المهلك، فبأي الأجلين أهلكوا كان ذلك بقضاء من الله وقدر" حيث أقر -بقوله هذا- أن للإنسان أجلين، وهو ما تقول به المعتزلة. هذا وقد اختار الطحاوي هذا القول في مشكل الآثار: ٤/ ١٧٠. وقد اختلفت أقوال العلماء في تفسير الآية، وما شاكلها من أحاديث، كنحو ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه-، وحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "من سره أن يبسط عليه رزقه، أو ينسأ في أثره، فليصل رحمه". صحيح مسلم: ٤/ ١٩٨٢: ح: ٢٥٥٧، كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم. ولتفصيل هذه المسألة انظر: القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة: لعبد الرحمن صالح المحمود -رسالة ماجستير-: ٣٢٧. والراجح من الأقوال في مسألة الآجال، وهل تتغير أم هي محددة؟ قول من ذهب إلى أن القدر لا يتغير، وأن التغيير والتبديل لا يكون أبدًا؛ لأن الذي سبق في علم الله كائن لا يتغير، وعلم الله كامل، أحاط بكل شيء، ومنه ما هو كائن، وأن الذي يجوز عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل، أو ما في علم الحفظة والموكلين بالآدمي، فيقع المحو والإثبات، بمعنى أن ما في اللوح المحفوظ لا يتغير، وما سواه من صحف الملائكة الموكلين بالآدمي قد يدخله التغيير؛ لأن الملائكة لا يعلمون إلا ما علمهم الله، والله يعلم الأشياء قبل كونها. وهذا القول هو الذي عليه المحققون، كابن تيمية في: "مجموع الفتاوى" ٤/ ٤٩٠ - ٤٩٢، وابن حجر في "فتح الباري" ١١/ ٤٤٨، والشيخ السعدي في "تيسير الكريم الرحمن" ٢/ ٤٧٦. وأما قول ابن عباس: "وينسى لكم في أعماركم" إلا يعارض القول الراجح، =