للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أنك لو قلت: اجتماع زيد (١)، وجمعت زيداً، لم يسغ (٢) حتى تضيف إليه ما تريد (٣) به على الأفراد.

هذا أصل (بين) في اللغة، ثم لا يمتنع أن يتسع فيه كما اتسع في غيره، فيستعمل لغير هذا المعنى. مما اتسع فيه أنه استعمل بمعنى الوصل (٤)، وهو ضد الافتراق، وقد بينا أن أصله راجع إلى الافتراق، وإنما جاز استعماله بمعنى الوصل في قوله: {لَقَد تَقَطَّع بَيْنُكُم} [الأنعام: ٩٤] على قراءة من رفع (٥)، لأنه قد كثر استعمالها ظرفًا بين الشيئين ومع الشيئين اللذين بينهما ملابسة ومخالطة، فصار لذلك بمنزلة الوصلة والاقتراب بين الشيئين. وهذا الاتساع إنما هو في المستعمل ظرفا دون التي هي مصدر، لأنه في الاستعمال أكثر.

وهذا التوسع في الظروف كثير، والذي استعمل ظرفا أصله الذي هو مصدر؛ لأن المصادر قد استعملت ظروفاً في مواضع كثيرة، والأسماء التي تستعمل تارة ظروفاً وتارة أسماءً لا تمتنع أن تكون مشتقة مثل: خلف وأمام وقدام وأعلى وأسفل ووسط كلها مشتقة، وهي مع ذلك ظروف وقد استعملت أسماءً كما (٦) استعملت ظروفاً، وكذلك بين في نحو قوله: {وَمِن


(١) في (ب): (زيدا).
(٢) (يسغ): مكانها بياض في (ب).
(٣) في "الإغفال": (ما يؤيد به ..) ص ٢١٧.
(٤) "الإغفال" ص ٢١٧ - ٢١٩، نقل كلامه بتصرف.
(٥) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعامر وحمزة وعاصم في رواية أبي بكر بالرفع، وقرأ نافع والكسائي وعاصم في رواية حفص بالنصب. انظر: "السبعة" ص ٢٦٣، و"التيسير" ص ١٠٥.
(٦) في (ب): (كلما).

<<  <  ج: ص:  >  >>