للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالسحر، وذلك ما قاله ابن عباس (١) رحمه الله: إن سليمان، عليه السلام، لما عُذّبَ بنزع ملكه، دفنت الشياطين في خزانته ومواضع مصلاه سحرًا وأُخَذًا ونِيرَنْجات (٢)، فلما مات سليمان دلّت الشياطين عليه الناسَ حتى أستخرجوها، وقالوا للناس: إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه، فأقبل بنو إسرائيل على تعلمها، ورفضوا كتب أنبيائهم، فبرّأ الله نبيه سليمان عليه السلام على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وقال السُّدِّي: إن الناس في زمن سُليمان كتبوا السحر، واشتغلوا بتعلّمه، فأخذ سليمان تلك الكتب، وجعلها في صندوق، ودفنها تحت كرسيه، ونهاهم عن ذلك، فلما مات سليمان، وذهب الذين كانوا يعرفون دفنه الكتب، تمثل شيطان على صورة إنسان، فأتى نفرًا من بني إسرائيل، فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا (٤)؟ قالوا: نعم، قال: فاحفروا تحت الكرسي، فحفروا، فوجدوا تلك الكتب، فلما أخرجوها، قال


(١) قال في "البحر المحيط" ١/ ٣٢٦: وقد ذكر المفسرون في كيفيات ما رتبوه من هذا الذي تلوه قصصًا كثيرة، الله أعلم به، ولم تتعرض الآية الكريمة ولا الحديث المسند الصحيح لشيء منه، فلذلك لم نذكره اهـ. وقد ذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٢١ الكيفيات فعد أقوالًا ستة.
(٢) النيرنجات: أُخذٌ كالسحر وليس به، وإنما هو شبه وتلبيس، ويقال: النيرنجيَّات. ينظر: "تاج العروس" ٣/ ٤٩٧، و"مفتاح السعادة" لطاش كبرى زاده ١/ ٣٤٠.
(٣) أخرج هذه القصة النسائي في "تفسيره" ١/ ١٧٩، الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٤٧ ولفظه مختصر، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٩٧ من طريق المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، بنحوه، والمنهال: صدوق ربما وهم. وقد ذكرها الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠٥٧، وعزا القصة للكلبي. وذكرها أيضًا في "عروس المجالس" ص ٤٣، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٥.
(٤) لا تأكلونه أبدًا: أي: لا تفنونه أبدًا، يقال: أكل فلان عمره: إذا أفناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>