للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهم، امتحانًا واختبارًا؛ ليظهر إيمان المؤمن عند صبره على ما يحبّ، ويتبين نفاق المنافق عند خلافه ربَّه في إيثاره هواه، فكأنه قال: تعبدناكم بالصلاة إلى بيت المقدس برهةً من الدهر؛ لنمتحنكم بذلك، ونختبركم.

وعلى هذا التأويل خبر {جَعَلْنَا} محذوف، معناه: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها قبلة إلا لهذا، فحذف المفعول الثاني؛ لإحاطة العلم، ويقال: إن {جَعَلْنَا} هاهنا لا يقتضي (١) مفعولًا ثانيًا؛ لأنه في تأويل نصبنا.

وقال بعضهم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما (٢) هاجر إلى المدينة أمر بالتوجه إلى الكعبة مخالفة لليهود وامتحانًا للمؤمنين، وعلى هذا التأويل (٣) تقدير الآية: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا} فيكون من باب حذف المضاف (٤)، ويحتمل أن يكون التقدير: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها منسوخة، فأضمر المفعول الثاني، كما ذكرنا في الوجه الأول.

وتحتمل الآية على هذا التأويل وجهًا ثالثًا، وهو أن {كُنْتَ} بمعنى: أنت (٥)، والتقدير: وما جعلنا القبلة التي أنت عليها -وهي: الكعبة- قبلةً،


(١) في (ش): (تقتضي).
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) في (م): (وعلى هذا التقدير تأويل الآية).
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٦.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٣٦، "البغوي" ١/ ١٥٩، "الكشاف" ١/ ١٩٩، وروي هذا عن ابن عباس.
ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٢٣، وقال: وهذا من ابن عباس إن صح: تفسير معنى، لا تفسير إعراب؛ لأنه يؤول إلى زيادة كان الرافعة للاسم والناصبة للخبر، وهذا لم يذهب إليه أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>