للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو إسحاق: كانت العرب إذا قضت مناسكها وقَفَتْ بين المسجد بمنى وبين الجبل، فَتُعَدِّدُ فَضَائل آبائها، وتذكر محاسِنَ أيامهم، فأمر الله تعالى أن يجعلوا ذلك الذكرَ له، وأن يزيدوا على ذلك الذكر، فيذكروه بتوحيده، وتعديد نِعَمه؛ لأنه إن كانت لآبائهم نِعَمٌ فهي من الله عز وجل، وهو المشكور عليها (١)، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء (٢).

وقال في بعض الروايات (٣): وهو قول الربيع (٤) والضحاك (٥): أرادَ: فاذكروا الله كذكركم آباءكم وأمهاتكم، فاكتُفي بالآباء من الأمهات، كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: ٨١]، قالوا: وهو قول الصبي الصغير أول ما يُفْصحُ الكَلام: أَبَهْ أَبَهْ، أمَّهْ أمَّهْ، أي: الهجوا بذكر ربكم في جميع أحوالكم، كما يلزمُ الصبيُّ (٦) في صِغَرِه ذكرَ أبيهِ وأُمِّه (٧).

وقال ابن الأنباري في هذه الآية: إن العربَ كان أكثر أقسامها في الجاهلية بالآباء، كقولهم: وأبي وأبيك وأبيكم وجدكم. فقال الله تعالى:


(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٧٤.
(٢) رواه عن عطاء: الفاكهي في "أخبار مكة" ٤/ ١٤٨، والطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٩٧، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٣٥٦، والبيهقي في "شعب الإيمان" ١/ ٤٥١، وذكره الرازي في "تفسيره" ٥/ ١٩٨.
(٣) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٩٧ من طريق عطية العوفي عنه، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ٥٨٣.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٩٧، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ٥٨٤، والرازي في "تفسيره" ٣/ ٢٠٠.
(٥) انظر السابق.
(٦) من قوله: (الصغير ...) ساقط من (أ) (م).
(٧) ينظر: "تفسير الثعلبى" ٢/ ٥٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>