للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعضهم: الاكتساب أخصّ من الكسب؛ لأن الكسب ينقسم إلى كسبه لنفسه ولغيره، والاكتساب لا يكون إلا ما يكتسب الإنسان لنفسه خاصة (١)، يقال: فلان كَاسِبُ أهلِه، ولا يقالُ: مُكْتَسِب أهله، قال الحطيئة:

أَلْقَيْتَ كَاسِبَهُمْ في قَعْرِ مُظلِمَةٍ ... فاغْفَر هَداكَ مَلِيكُ الناسِ يا عُمَرُ (٢)

ومعنى {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} أي: لا يؤاخَذ أحد بذنب غيره (٣).

وقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} قال الحسن: معناه: قولوا: ربنا (٤)، على التعليم للدعاء. وقيل: أي: يقولون: رَبَّنَا. على الخبر.


(١) قال الراغب في "المفردات" ص ٤٣٣: والكسب يقال فيما أخذه لنفسه ولغيره، ولهذا قد تعدى إلى مفعولين، فيقال: كسبت فلانًا كذا، والاكتساب لا يقال إلا فيما استفدته لنفسك، فكل اكتساب كسب، وليس كل كسب اكتسابا، ثم ذكر الأقوال في المراد بقوله: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} فقد قيل: خص الكسب هاهنا بالصالح، والاكتساب بالسيء، وقيل: عُنِي بالكسب ما يتحراه من المكاسب الأخروية، وبالاكتساب: ما يتحراه من المكاسب الدنيوية، وقيل: عُني بالكسب: ما يفعله الإنسان من فعل خير وجلب نفع إلى غيره، من حيثما يجوز، وبالاكتساب ما يحصله لنفسه من نفع يجوز تناوله، فنبه على أن ما يفعله الإنسان لغيره من نفع يوصله إليه فله الثواب، وأن ما يحصله لنفسه وإن كان متناولا من حيثما يجوز على الوجه فقلما ينفك من أن يكون عليه.
(٢) البيت للحطيئة في "ديوانه" ص٢٠٨، وفي "الأغاني" ٢/ ١٧٨، و"العقد الفريد" ٥/ ٢٥٩، و"الكامل في الأدب" ٣/ ١٩٣، "خزانة الأدب" ٣/ ٢٥٤، "لسان العرب" ٥/ ٢٦٨٦ (مادة: طلح)، "الوافي بالوفيات" ١١/ ٥٥. وأغلب رواياته: فاغفر سلام الله عليك.
(٣) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٦٩.
(٤) ذكره في "الوسيط" ١/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>