للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى {لَا تُؤَاخِذْنَا}: لا تُعاقبنا (١).

وإنما جاء بلفظ المفاعلة وهو فعل واحد؛ لأن المسيء قد أمكن من نفسه، وطَرّقَ السبيلَ إليها بفعله، وكأنه أعان (٢) عليه من يُعاقبه بذنبه، ويأخذه به، فشاركه في أخذه (٣).

وقوله تعالى: {إِنْ نَسِينَا} يجوز أن يكون هذا من النسيان الذي هو ضد الذكر (٤)، فيكون له تأويلان: أحدهما: ما قاله الكلبي، وهو أن بني إسرائيل كانوا إذا نسوا شيئًا عجلت لهم العقوبة بذلك، فأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين أن يسألوه ترك مؤاخذتهم بذلك (٥).

والثاني: أن النسيان وإن كان معفوًا عنه في الشرع، فيجوز أن نتعبد (٦) بأن ندعو بذلك، كما جاء في الدعاء: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} [الأنبياء: ١١٢] والله سبحانه لا يحكم إلا بالحق، وكما قال: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} [آل عمران: ١٩٤] وما وُعدوا به على ألسن الرسل يُؤْتَونه، وكذلك قول الملائكة في دعائهم: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} إلى قوله: {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ} [غافر:٧ - ٩].


(١) "تفسيرالثعلبى" ٢/ ١٨٧٠.
(٢) في (ي): (أعدل).
(٣) من "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٨٧٠، وينظر: "تفسير الرازي" ٧/ ١٢٥، "الدر المصون" ٢/ ٧٠١.
(٤) وهذا اختيار الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٨٧١.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٨٧٠، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٣٥٧، والحافظ في "العجاب" ١/ ٦٥٥.
(٦) في (ي) و (ش): (يتعبد).

<<  <  ج: ص:  >  >>