للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}، لا يتعلق بأوَّلِ الآية في المعنى -على هذا التفسير-، ولكن معناه: إنه أَخْبَرَ ابتداءً، أنه لا يُطلِعُ أحدًا على عِلْمِ الغيب؛ لأنه لا يعلمه أحدٌ غيرُه، ولكن يجتبي مِن رُسُلِهِ مَنْ يَشاء، فَيُطْلَعَ على بعض عِلْمِ الغَيْب.

وقيل في سبب نزول قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}: إنّ المشركين أنكروا نُبُوَّةَ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: ما بالنا نحن لا نكون أنبياء، فإنَّا أكثرُ أموالًا وأولادًا؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}؛ أي: لم يكن ليوحي إليكم فيجعلكم بمنزلة الرُّسُل، بظنِّكُم عند أنفسكم أنكم مستحقون ذاك (١)، بل يُنَبِّئ (٢) مَنْ يَراهُ أهلًا للخصوصية والتشريف.

وهذا معنى قولِ أبي إسحاق (٣)، وابن الأنباري (٤). قال ابن


= رواية علي بن أبي طلحة-، قال: (يقول للكفار: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} من الكفر، {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} فيميز أهل السعادة من أهل الشقاوة). "تفسير ابن أبي حاتم": ٣/ ٨٢٤ - ٨٢٥.
وكون الخطاب في الآية للكفار والمنافقين -وفق المعنى الذي ذكرته عن ابن عباس سابقًا-، قال عنه الثعلبي: (هو قول: ابن عباس والضحاك ومقاتل والكلبي، وأكثر المفسرين). "تفسيره" ٣/ ١٦٠ أ.
(١) في (ج): (ذلك).
(٢) في (ج): (ينبأ).
(٣) في: "معاني القرآن" له ١/ ٤٩٢. ولكن هذا القول، ليس مما تبناه الزجاج، وإنما أورده بصيغة (قيل). فقد ذكر أولا قول الكلبي -الذي ذكره المؤلف-، وصدره بقوله: (يروى في التفسير)، ثم ذكر هذا القول، قائلًا: (وقد قيل في التفسير ..) وذَكَره.
(٤) لم أقف على مصدر قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>