للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأنباري: وأوَّلُ الآية يدل على هذا، ويمكن حمله على هذا التفسير؛ وهو: أنهم أنكروا نُبُوَّةَ محمد، وما يدعوا إليه مِنْ تَرْكِ دينِ الآباءِ والأجداد. فأعلم الله -تعالى- أنه لم يكن لِيَدَعَ المؤمنين على ما عليه الكفارُ مِنَ العَمَى والحَيْرة، حتى يَنْتاشَهم (١) ويستنقذهم من المهالك، بإرساله محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وإعطائه (٢) إيَّاه مِنَ الدَّلائِلِ ما يكَون عَلَما لِصِدْقِهِ، وسببًا لانقياد (٣)، [الناس] (٤) إلى متابعته.

فهذه أربعة أوجُهٍ مِنَ التفسير، في هذه الآية.

فقوله: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ}، هذه اللام يُسمِّيها بعضُ أهل النحو، لامَ الجَحْد؛ كما تقول: (ما كنت لأفعل ذلك) (٥). وهي في تأويل (كي)؛ ولذلك نَصَبَتْ ما بعدها.

وذكرنا الكلام في (يَذَر) عند قوله: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} (٦).


(١) ينتاشهم؛ أي: يستخرجهم. وأصلها من: (النَتْش)، وهو: نتف اللحم، وجذبه قرصًا، واستخراج الشوكة ونحوها. ويقال للمنتاش: استخرجه.
انظر (نتش) في: "اللسان" ٧/ ٤٣٣٦، و"القاموس" (٦٠٦).
(٢) في (أ)، (ب)، (ج): وأعطاه. والمُثبَت هو ما استصوبته.
(٣) في (ب): (للانقياد).
(٤) ما بين المعقوقين زيادة من (ج).
(٥) انظر: "اللامات"، للزجاجي ٦٨، و"المحلى" لابن شقير ٢٢٨. وهي عند الكوفيين حرف زائد، يدخل لتقوية النفي، ويرى النحاس أن الصواب تسميتها (لام النفي)؛ لأن الجحد في اللغة إنكار ما تعرفه، لا مطلق الإنكار. انظر: "المغني" لابن هشام ٢٧٨.
(٦) سورة البقرة: من الآية: ٢٣٤ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} , والآية:٢٤٠ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}

<<  <  ج: ص:  >  >>