للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} أي: أقبل على خلقه، وقصد إلى ذلك بعد خلق السموات والأرض، وهذا قول الفراء (١) وأبي العباس (٢) والزجاج (٣).

وقال آخرون: {اسْتَوَى} معناه استولى (٤) واحتجوا بقول البعيث (٥):

ثم اسْتَوَى بِشْرُ على العِرَاقِ ... من غير سيفٍ ودمٍ مُهْرَاقِ (٦)


(١) "معاني الفراء" ١/ ٢٥ وفيه حكى أوجه منها: (أن يستوي الرجل وينتهي شبابه أو يستوي عن اعوجاج، وبمعنى أقبل، وبمعنى صعد، وكل في كلام العرب جائز).
(٢) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٤، وفي "مجالس ثعلب" ١/ ١٧٤ و٢٦٩ قال: (يقال فيه ضروب، الفراء وأصحابنا يقولون أقبل. ويقال: استوى عليه من الاستواء، والمعتزلة يقولون: استولى) اهـ.
(٣) "معاني الزجاج" ١/ ١٠٧ قال: (فيه قولان: عمد وقصد إلى السماء، كما تقول: قد فرغ الأمير من بلد كذا وكذا ثم استوى إلى بلد كذا، معناه قصد الاستواء إليه، وقد قيل أيضاً: استوى أي صعد أمره إلى السماء).
(٤) هذا قول أهل التأويل من المعتزلة والجهمية والحرورية وغيرهم، وقد اتفق أهل العلم على إبطاله وأجمعوا على أن المراد بالاستواء على العرش، إنما هو الاستعلاء والارتفاع عليه، فهو سبحانه مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته ولا يلزم لهذا أي لازم باطل مما يلزم لاستواء المخلوقين. انظر: "الإبانة" ص ٣٦، و"الأسماء والصفات" ٢/ ٣٠٦ - ٣٠٨، و"الفتاوى" ٥/ ١٤٣ - ١٤٩، و"مختصر العلو" للألباني ص ٢٦.
(٥) البعيث: هو خداش بن بشير بن خالد المجاشعي، أبو مالك البصري المعروف بالبَعِيث، شاعر أموي مجيد وخطيب بني تميم، كانت بينه وبين جرير مهاجاة دامت نحو ٤٠ سنة، توفي سنة ١٣٤. انظر: "طبقات فحول الشعراء" ٢/ ٣٨٦، و"الشعر والشعراء" ص ٣٢٩، و"معجم الأدباء" ٣/ ٢٨٩، و"الأعلام" ٢/ ٣٠٢.
(٦) الشاهد بدون نسبة فى "الصحاح" ٦/ ٢٣٨٥ (سوا)، و"تفسير الماوردي" ٢/ ٢٢٩، و"الأسماء والصفات" للبيهقي ٢/ ٣٠٩، و"زاد المسير" ٣/ ٢١٣، والقرطبي ٧/ ٢٢٠، و "رصف المباني" ص ٤٣٤، و"اللسان" ٤/ ٢١٦٣ (سوا)، و"الخازن" =

<<  <  ج: ص:  >  >>