للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاختيار الكسر (١). ولا يلزم وصف المعرفة بالنكرة؛ لأن حكم كل مضاف إلى معرفة (٢) أن يكون معرفة، وإنما تنكرت (غير) و (مثل) مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما، وذلك أنك إذا قلت: رأيت غيرك، فكل شيء يرى سوى المخاطب هو غيره (٣)، وكذلك إذا قال: رأيت مثلك، فما هو مثله لا يحصى، يجوز أن يكون مثله في خلقه، وخلقه، وفي جاهه، وفي نسبه، وفي علمه، فإنما صارا (٤) نكرتين من أجل المعنى. فأما إذا كان شيء معرفة له ضد واحد، وأردت إثباته ونفي ضده، وعلم السامع (٥) ذلك الضد فوصفته بـ (غير) وأضفت (غير (٦)) إلى ضده، فهو معرفة، وذلك نحو قولك: عليك بالحركة غير السكون، فغير السكون معرفة، وهو (٧) الحركة، فكأنك كررت الحركة تأكيدا.

وكذلك قوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} فغير المغضوب عليهم، هم الذين أنعم عليهم، لأن من أنعم عليه بالإيمان، فهو غير مغضوب عليه، فهو مساو له في معرفته، ومتى كانت (غير) بهذِه الصفة، وقصد هذا


(١) هذا من كلام أبي بكر بن السراج واختياره حيث قال: (والاختيار الذي لا خفاء به الكسر، ألا ترى أن ابن كثير قد اختلف عنه ...) وقد اختصر الواحدي كلام ابن السراج. انظر: "الحجة" ١/ ١٤٣.
(٢) في (ب): (معرفته).
(٣) في "الحجة": (فكل شيء ترى سوى المخاطب فهو غيره) وفي الهامش: ط: (تراه)، انظر: "الحجة" ١/ ١٤٣.
(٤) أي: (غير) و (مثل).
(٥) في "الحجة": (... وعلم ذلك السامع فوصفته بغير ....)، ١/ ١٤٤.
(٦) في (أ): (غيرا).
(٧) في "الحجة" (وهي) ١/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>