للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما معنى نفيه ما أثبت من رمي الرسول وإسناد ذلك إلى نفسه، فقال أهل المعاني (١): إنه لم يعتد برميه مع رمي الله إياهم، وهكذا كل ما لا يعتد به نحو: تكلمت ولم تتكلم، ولم تصنع شيئًا (٢)، فهذا معنى (٣) نفي الرمي عن الرسول.

ومعنى إسناده إليه فلأنه كان منه التسبيب والتسديد.

واحتج أصحابنا (٤) بهذه الآية على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وكذلك الأفعال المتولدة من اكتساب العباد، وقالوا: الرمي فعل واحد أضافه الله إلى نبيه، وأثبته له ثم وصف به نفسه، وكان من الله الإنشاء والإيجاد بالقدرة القديمة، ومن الرسول الحذف والإرسال، وهكذا جميع أفعال العباد المكتسبة، من الله تعالى الإيجاد، ومن العباد الاكتساب (٥).


(١) لم أجد هذا القول فيما بين يدي من كتب أهل المعاني.
(٢) يعني: إذا تكلم إنسان بكلام غير مفيد قيل له: لم تتكلم، وإذا صنع شيئًا غير محقق للغرض المطلوب، قيل له: لم تصنع شيئًا.
(٣) ساقط من (س).
(٤) يعني الأشاعرة، انظر: "تفسير الرازي" ١٥/ ١٣٩، ولم أجد الاستدلال بالآية فيما بين يدي من كتب العقيدة الأشعرية، وانظر المعنى في: "الإبانة" للأشعري ص ٢٣، و"تمهيد الأوائل" للباقلاني ص ٣٤١، و"كتاب الإرشاد" للجويني ص ١٧٤، و"غاية المرام" للآمدي ص ٢٠٧.
(٥) يشير المؤلف رحمه الله إلى قضية طالما أشغلت الفكر الإسلامي، وتحددت فيها الآراء, وكثر حولها الجدال، وهي علاقة الخالق -سبحانه- بأفعال العباد.
والمؤلف سار على مذهب جمهور الأشاعرة القائلين بنظرية الكسب رغبة في تحقيق الوسطية بين المعتزله القدرية القائلين: إن الإنسان يخلق أفعاله, وبين الجهمية الجبرية القائلين: إن الإنسان مجبور على أفعاله وأنه كالريشة في مهب الريح. =

<<  <  ج: ص:  >  >>