وقول الزنجاني هذا يفسر معنى كسب العباد عند الأشاعرة، والذي عرفه الآمدي في "غاية المرام من علم الكلام" ص ٢٢٣ بقوله: إنه المقدور بالقدرة الحادثة، أو المقدور القائم بمحل القدرة، ويوضح هذه النظرية قول الشهرستاني في "الملل والنحل" بهامش "الفصل في الملل والأهواء والنحل" لابن حزم ١/ ١٢٨: المكتسب هو المقدور بالقدرة الحادثة أو الحاصل تحت القدرة الحادثة، ثم على أصل أبي الحسن: لا تأثير للقدرة الحادثة في الإحداث، غير أن الله تعالى أجرى سننه بأن يخلق عقيب القدرة الحادثة أو تحتها ومعها الفعل الحاصل إذا أراده العبد وتجرد له، وسمي هذا الفعل كسبًا، فيكون من الله تعالى إبداعًا وإحداثًا، وكسبًا من العبد مجعولًا تحت قدرته اهـ. وإذ قد تبين معنى قول المؤلف: "وهكذا جميع أفعال العباد المكتسبة، من الله تعالى الإيجاد، ومن العباد الاكتساب" فإن لي حول ذلك وقفتين: الأولى: الاستدلال بهذه الآية على نظرية الكسب ونفي أثر قدرة العبد استدلال باطل؛ فإن واقعة الحال وأسباب النزول وأقوال الصحابة المعاصرين لنزول القرآن وتلاميذهم، تفسر مراد الله، وتوضح معناه. قال الإمام ابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٣٢٧: فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم: أي ليس بحولكم وقوتكم قتلتم أعداءكم مع كثرة عددهم وقلة عددكم، أي: بل هو الذي أظفركم عليهم، ثم قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أيضًا في شأن القبضة من التراب التي حصب بها وجوه الكافرين يوم بدر حين خرج من العريش بعد دعائه وتضرعه واستكانته، فرماهم بها وقال: "شاهت الوجوه" ثم أمر أصحابه أن يصدقوا الجملة إثرها ففعلوا فأوصل الله تلك الحصباء إلى أعين المشركين فلم يبق أحد منهم إلا =