للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجه الثاني (١): أن هذا أمر باتقاء فتنة تقتصر على الظالم وتصيبه بليتها، وهذا الوجه مروي في التفسير أيضًا عن ابن عباس، روي عنه أنه قال: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [في الرؤوس دون الأتباع، وروى عطاء عنه: يريد: لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة (٢)] (٣)

وقال الحسن: نزلت في علي وعمار وطلحة والزبير (٤).

وقال الزبير: لقد قرأناها زمانا وما ندري من عني بها، فإذا نحن المعنيون بها (٥)، وقال ابنه عبد الله: لقد خوفنا بها ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) يعني في سبب دخول النون في قوله: {لَا تُصِيبَنَّ} والوجه الأول ما ذكره قبل هذا الوجه، وكلا الوجهين لابن الأنباري كما في "زاد المسير" ٣/ ٣٤٣.
(٢) وردت قراءة شاذة بهذا اللفظ، رويت عن علي وزيد بن ثابت وأبي جعفر الباقر والربيع بن أنس وأبي العالية وابن جماز، انظر: "المحتسب" ١/ ٢٧٧.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (م).
(٤) رواه ابن جرير ٩/ ٢١٨، والثعلبي ٦/ ٥٢ أ، وإيراد هذا القول وما بعده من الأقوال التي تشير إلى أن الآية نزلت في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمل بعد قول المؤلف إن معنى الآية أمر باتقاء فتنة تقتصر على الظالم -أمر في غاية الخطورة، إذ يفهم منه أن من قيل أن الآية نزلت فيهم- وهم أهل يوم الجمل ظالمون، وهذا مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة في الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعتقاد عدالتهم ونزاهة قصدهم، والترضي عنهم، وسلامة الصدور نحوهم، وأن المقتتلين في يوم الجمل وصفين مجتهدون منهم المصيب المأجور، ومنهم المخطئ المعذور. انظر: "العواصم من القواصم" ص ٢٤٨، و"منهاج السنة النبوية" ٤/ ٤٤٨ - ٤٥٠. وسيأتي مزيد بيان لذلك.
(٥) رواه ابن برير ٩/ ٢١٨، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٨٢، وبمعناه أحمد في "المسند" ١/ ١٦٥، وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ٣٢١، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد ابن حميد ونعيم بن حماد في "الفتن" وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٩٩. رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>