للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمراد بالمتقين في هذه الآية: المؤمنون، كذلك قال أهل التفسير في قوله: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} أي: للمؤمنين (١)، كأنه قال: القرآن بيان وهدى لمن اتقى الشرك، فخص المؤمنين بأن الكتاب بيان لهم دون الكفار الذين لم يهتدوا بهذا الكتاب، فأما من آمن ولم يجتنب الكبائر، فهو داخل في جملة المتقين (٢) أيضًا لأنه آمن بموجب الكتاب، واتقى الشرك.

وقيل: إن الكتاب بيان بنفسه ودلالة على الحق، ولكنه أضافه إلى المؤمنين خصوصا، لانتفاعهم به، والكافر لو تأمل القرآن لوجده بيانا، فهو في كونه بيانا في نفسه لا يتخصص بقوم دون قوم، ولكنه أضيف إلى المؤمنين على الخصوص لانتفاعهم به دون الكفار (٣) كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} [النازعات: ٤٥]، وكان - صلى الله عليه وسلم - منذرا لمن يخشى ولمن لم يخش.

وقال ابن الأنباري: معناه: هدى للمتقين والكافرين، فاكتفى بأحد (٤) الفريقين من (٥) الآخر، كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل:


(١) ذكر ابن جرير بسنده عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (للمتقين): هم المؤمنون، ١/ ١٠٠، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٤٢/ أ.
(٢) رجح ابن جرير: أن المراد عموم التقوى، ولا تخص معنى دون معنى، ثم قال: فقد تبين إذا فساد قول من زعم أن تأويل ذلك إنما هو. الذين اتقوا الشرك وبرئوا من النفاق، لأنه قد يكون كذلك، وهو فاسق غير مستحق أن يكون من المتقين ... الخ. "تفسير الطبري" ١/ ١٠١، وانظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٠، وابن عطية ١/ ١٤٤
(٣) ذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٠، ونحوه في القرطبي ١/ ١٤٠ - ١٤١، "زاد المسير" ١/ ٢٤.
(٤) في (ب): (بإحدى).
(٥) في (ب): (عن).

<<  <  ج: ص:  >  >>