للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول: العَمْرُ كالعمارة، والعابد اللهَ عامرٌ لدينه، فسُمِّيَ العابدُ عامرًا، ومعنى قوله: {لَعَمْرُكَ} أي لَعِبَادَتُك، والمفسرون على القول الأول (١)

وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} قال عطاء عن ابن عباس: يريد: أن قومك في ضلالهم يتمادون (٢)، ثم رجع إلى ذكر قوم لوط في الآية الثانية، وقال الكلبي وعامة المفسرين: {إِنَّهُمْ} يعني: قوم لوط (٣)، {لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}: في جهلهم وعماهم يمضون ولا يرجعون منه.


(١) أي أنه قسم بحياة النبي -صلى الله عليه وسلم-وهو قول الجمهور كما قال ابن العربي وعياض وأبو حيان.
(٢) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٠ أبلفظه، دون الإشارة إلى المعني بالضمير، وانظر: "تفسير الوسيط"، ٢/ ٣٦٤، بنصه عن عطاء، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٠٩ مختصرًا عن عطاء، وإلى هذا ذهب الطبري، فقال: أي وحياتك يا محمد، إن قومك من قريش، لفي ضلالتهم وجهلهم يترددون، وإليه ذهب السمرقندي. انظر: "تفسير الطبري" ١٤/ ٤٤، "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٢٢.
(٣) لم أقف عليه منسوبًا، وانظر: "تفسير الزمخشري" ٢/ ٣١٧، وابن عطية ٨/ ٣٤١، وابن الجوزي ٤/ ٤٠٩ وقال: قاله الأكثرون، وتفسير أبي حيان ٥/ ٤٦٢، وابن جزي ٢/ ١٤٨، وأبي السعود ٥/ ٨٦، و"تنوير المقباس" ص ٢٨٠، وخلاصة القول في الضمائر في الآية ثلاثة أقوال: الخطاب للرسول -صلى الله عليه وسلم- والضمائر تعود على كفار قريش، وهو قول الطبري والسمرقندي، وحجتهم الأثر المروي عن ابن عباس وعلى هذا القول، الآية كلها اعتراض فيما بين القصة، وانتصر لهذا القول علي القاري "شرح الشفا" ١/ ٧٢، واستدلالهم بقول ابن عباس رضي الله عنهما ليس فيه دلالة وليس في محل النزاع، فقول ابن عباس غايته أن القسم برسولنا -صلى الله عليه وسلم- وليس بلوط. وليس هذا مختلف مع قول الجمهور الخطاب للرسول -صلى الله عليه وسلم- والضمائر لقوم لوط، وهو قول الجمهور، وحجتهم - كما ذكر ابن عطية: عدم مناسبة السباق والسياق؛ إذ يؤدي ذلك إلى انقطاع الضمائر، وعليه فالقسم بنبينا -صلى الله عليه وسلم- تشريفًا له؛ لأن القصة تُقص عليه تعجيبًا له من حال قوم لوط، وإقحام القسم أثناء الكلام وقصر القصص أسلوب عربي معروف، وهذا هو القول الراجح الخطاب للوط، =

<<  <  ج: ص:  >  >>