للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال السدي: يعني ظلمة القلب (١)، وظلمة الصدر، وظلمة الجوف (٢).

وهذا غير مرضي من القول، لأنَّ كل واحد بهذه الصفة لا ينفذ الضوء إلى جوفه وصدره وقلبه. إلاَّ أن يراد بظلمة قلبه أنَّه لا يُبصر نور الإيمان، ولا يعقل، ثم يبقى عليه ظلمة الصدر والجوف، فيحمل على ما قال مقاتل: قلب مظلم في صدر مظلم، وجسد مظلم لا يبصر نور الإيمان كما أن صاحب البحر إذا أخرج يده في الظلمة لم يكد يراها (٣). فبين أن هذه الظلمات مثل لظلمات الجهل والحيرة.

وقوله {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} تأكيد لشدة هذه الظلمات. وهذا اللفظ يحتمل (٤) معنيين:

أحدهما: رآها (٥) من بعد أن كان لا يراها من شدة الظلمة.

والثاني: لم يرها ولم يكد.

قال الفراء: والأول (٦) وجه العربية (٧)؛ والثاني هو معنى الآية: لأنَّ


= وذكر أبو حيَّان في "البحر" ٦/ ٤٦٣ نحو هذا المعنى وقال: والتفسير بمقابلة الأجزاء شبيه بتفسير الباطنية وعدول عن منهج كلام العرب.
(١) في جميع النسخ: (القبر)، والتصويب من "تفسير ابن أبي حاتم".
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٧/ ٥٤٧ ب.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٩ ب مع اختلاف يسير.
(٤) في (أ): (محتمل).
(٥) في (ظ)، (ع): (يراها).
(٦) في (ظ)، (ع): (فالأول).
(٧) يعني أنَّه أظهر معاني الكلمة من جهة ما تستعمل العرب "كاد" في كلامها. قاله الطبري ١٨/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>