للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من علم التفرقة، وهو رقية (١) وليس بسحر، والرخصة في الرقية واردة. فقد روى عوف الأشجعي (٢) أنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن شرك" (٣).

وقال ابن قتيبة: الذي أنزل الله على الملكين فيما يرى أهل النظر من أهل العلم والله أعلم هو الاسم الذي صعدت الزهرة فعلمته الشياطين، فهي تعلمه أولياءها، وقد يقال: إنّ السّاحر يتكلم بكلام فيطير بين السماء والأرض، ويطفو على الماء.

وذهب قومٌ ممن أبطلوا السّحر وأنكروا أن يكون له حقيقة (٤) إلى أن قوله: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} ما فيه نفي (٥)، وذلك مستكره؛ لأنه إذا كان


(١) الرقية: العُوذَةُ التي يُرَقى بها صاحب الآفة، كالحُمَى والصرع وغير ذلك من الآفات. ينظر: "النهاية" لابن الأثير، "اللسان" ٣/ ١٧١١.
(٢) هو: عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي، أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو حماد، صحابي جليل، أول مشاهده خيبر، وكانت معه راية أشجع يوم الفتح، توفي بدمشق سنة ٧٣ هـ. ينظر: "أسد الغابة" ٤/ ٣١٢.
(٣) أخرجه مسلم (٢٢٠٠) كتاب السلام، باب: لا بأس، وأخرجه أبو داود (٣٨٨٦) كتاب الطب، باب: ما جاء في الرقى واللفظ له.
(٤) اختلف الناس هل للسحر حقيقة أو أنه خدع وتخييل؟ فذهب المعتزلة إلى أنه خدع وتخييل، ولا حقيقة له؛ لقوله تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} [الأعراف: ١١٦]. والصحيح الذي عليه أهل السنة أنه يكون تخييلا وخدعا، ويكون حقيقة، ودليل كونه حقيقة قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}. ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٩ - ٤٦١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٨ - ٣٩، "المغني" لابن قدامة ١٢/ ٣٠٤.
(٥) ذكر هذا الوجه مكي بن أبي طالب في "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>