للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى: لم ينزل على الملكين، (١) صار الكلام فضلًا لا معنى له. وإنما يجوز أن يكون (ما) نفيًا أن لو ادعى مدعي: أن السحر أنزل على الملكين، ويكون فيما تقدّم ذكر ذلك أو دليل (٢) عليه، فيقول الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا}، ولم ينزل على الملكين كما ذكروا. ومثال ذلك: أن يقول مُبْتدئا: علمت هذا الرجل القرآن، وما أنزل على موسى. فلا يتوهم سامعُ هذا أنك أردت بقولك أن القرآن لم ينزل على مُوسى؛ لأنه لم يتقدّمه قول أحدٍ أنه أنزل على موسى، وإنما يتوهم السامع أنك علمتَه القُرآنَ والتوراةَ (٣).

ثم اعلم أن السحر على قسمين:

أحدهما: يكفر به السّاحر، وهو أن يعتقد القدرة لنفسه، فإذا انتهى به السحر إلى هذه النهاية صار كافرًا بالله، وهذا السحر هو الذي عده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكبائر في قوله: "اجتنبوا السبع الموبقات"، قيل: يا رسول الله وما هنّ؟ قال: "الشرك بالله، والسّحر، وقَتْل النفسِ التي حرّم الله إلاّ بالحقّ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولّي يوم الزحف، وقذف المحصنة". (٤)

والقسم الثاني: لا يكفر به، وهو التخييل الذي يشاكل النِّيرَنْجات، فإذا لم يعتقد لنفسه فيما يعمل قدرة، واعتقد القدرة لله تعالى، كانت معصية، ولم يكن ذلك كفرًا (٥).


(١) من قوله: مافيه ... ساقط من (أ)، (م).
(٢) في (ش): (ذلك).
(٣) كلام ابن قتيبة لم أره في "غريب القرآن" و"تأويل مشكل القرآن".
(٤) أخرجه البخاري (٦٨٥٧) كتاب الحدود، باب رمي المحصنات، ومسلم (٨٩): الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها.
(٥) قد ذكر القرافي في "أنوار البروق في أنول الفروق" ٤/ ١٣٧، أقسام السحر وأحكامه، وذكر القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٣٩: أن من السحر ما يكون كفرًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>