للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا} قال أبو العباس (١) عن ابن الآعرابي: (السَّرَف تجاوز ما حُدّ لك) (٢).

وقال شَمِر: (سَرَف الماء ما ذهب منه في غير سقى ولا نفع قال: أرْوَت البئر النخيل وذهب بقيّة الماء سَرَفًا) (٣)، فإن أخذت الإسراف مما قاله ابن الأعرابي فهو: مجاوزة الحد، وإن أخذت من قول شمر فهو: الإنفاق فيما لا يجدي عليك (٤).


= إذ أصل الزكاة شرع في أول الإسلام بدون تحديد، وفي المدينة المنورة حددت بمقاديرها المفروضة. قال ابن العربي في "أحكام القرآن" ٢/ ٧٦١: (قد قال مالك: إن المراد به: الزكاة المفروضة، وتحقيقه في نكتة بديعة، وهي أن القول في أنها مكية أو مدنية يطول، فهبكم أنها مكية إن الله أوجب الزكاة بها إيجابًا مجملاً، فتعين فرض اعتقادها ووقف العمل بها على بيان الجنس والقدر والوقت، فلم تكن بمكة حتى تمهد الإِسلام بالمدينة فوقع البيان، فتعين الامتثال، وهذا لا يفقهه إلا العلماء بالأصول) ا. هـ وقد نقل الزجاج في "معانيه" ٢/ ٢٩٧ عن قوم إنها مدنية، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٢٠٦: (اختار ابن جريج النسخ، وفي تسمية هذا نسخًا نظر؛ لأنه قد كان شيئًا واجبًا في الأصل ثم إنه فصل بيانه وبُين مقدار المخرج وكميته، قالوا: وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة، فالله أعلم) ا. هـ، وانظر: "معاني الفراء" ١/ ٣٥٩، و"معاني النحاس" ٢/ ٥٠٠، و"البحر المحيط" ٤/ ٢٣٧.
(١) أبو العباس: هو ثعلب أحمد بن يحيى، إمام تقدمت ترجمته.
(٢) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٧٥ - ١٦٧٦.
(٣) الإسراف -في اللغة-: ضد القصد والإغفال والجهل والخطأ. وأصله مجاوزة الحد في كل فعل، وهو في الإنفاق أشهر، والإسراف في النفقة التبذير، وأما السرف الذي نهى الله تعالى عنه فهو: ما أنفق في غير طاعة الله قليلاً كان أو كثيراً.
انظر: "العين" ٧/ ٢٤٤، و"الجمهرة" ٢/ ٧١٦، و"الصحاح" ٤/ ١٣٧٣، و"مجمل اللغة" ٢/ ٤٩٣، و"المفردات" ص ٤٠٧، و"اللسان" ٤/ ١٩٩٦ (سرف).
(٤) انظر: "تفسير الماوردي" ٢/ ١٧٨ - ١٧٩، وابن الجوزي ٣/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>