للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُوصي بما زاد على الثلث [وصيّتُه موقوفةٌ] (١) على الإجازة عند الأكثرين، وإنما يخيَّرون بعد الموت (٢)، فالمفقودُ المنقطعُ خبرهُ إن قيل: "إن امرأته تبقى إلى أن يُعلَم خبرُه" بقيت لا أيِّمًا ولا ذات زوج إلى أن تبقى من القواعد أو تموت، والشريعة لا تأتي بمثل هذا، فلما أُجِّلت أربع سنين ولم ينكشف خبرُه (٣) حُكِم بموته ظاهرًا (٤).

فإن (٥) قيل: يَسوغُ للإمام أن يفرق بينهما للحاجة، فإنما ذلك بعد اعتقاد موته، وإلا فلو عُلمت حياتُه لم يكن مفقودًا، وهذا كما ساغ التصرُّف في الأموال التي تعذَّر معرفةُ أصحابها، فإذا قدم الرجل تبيَّنَا (٦) أنه كان حيًا، كما إذا ظهر صاحب المال، والإمام قد تصرف في زوجته بالتفريق؛ فيبقى هذا التفريق موقوفًا على إجازته؛ فإن شاء أجاز ما فعله الإمام وإن شاء ردّه، وإذا أجازه صار كالتفريق المأذون فيه، ولو أذن للإمام أن يفرِّق بينهما وقعتِ الفرقةُ (٧) بلا ريب، وحينئذٍ فيكون نكاح الثاني صحيحًا، وإن لم يُجِزْ ما فَعَلَهُ الإمامُ كان التفريق باطلًا فكانت باقيةً على نكاحه فتكون زوجته، فكانَ القادم مخيَّرًا بين إجازةِ (٨) ما فعله الإمام ورده، وإذا أجاز فقد أخرج (٩) البُضْع عن ملكه، وخروج البُضع من (١٠) ملك الزوج متقوم عند الأكثرين كمالك والشافعي وأحمد في أنصِّ الروايتين، والشافعي يقول: هو مضمونٌ بمهر المثل، والنزاع بينهم فيما إذا شهد شاهدان أنه طلَّق امرأته ثم رجعا عن الشهادة، فقيل: لا شيء عليهما، بناء على أن خروج


(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ق) و (ك): "مرقوف" وسقطت "وصيته" من (ق).
(٢) انظر: "بدائع الفوائد" (١/ ٤) للإمام ابن القيم -رحمه اللَّه- ووقع في (ق) و (ك): "وإنما يجيزونه بعد الموت".
(٣) في المطبوع: "ولم يكشف خبره".
(٤) انظر: "المغني" (٩/ ١٣٣ - ١٣٤)، "المبدع" (٨/ ١٣٠)، "تقرير القواعد" (٣/ ١٧٦ - بتحقيقي)، وهذا مذهب المالكية: انظر "المدونة" (٢/ ٩١ - ٩٢) "التفريع" (٢/ ١٠٧ - ١٠٨)، (الرسالة، (٣٠٢)، "الإشراف" (٤/ ٤١ مسألة ١٣٩٣ - بتحقيقي)، "المعونة" (٢/ ٨٢٠)، "جامع الأمهات" (٣٢٧) "المنتقى" (٤/ ٩٣)، "الخرشي" (٤/ ١٥٠)، "عقد الجواهر الثمينة" (٢/ ٢٦٩).
(٥) في هامش (ق): "لعله: فإذا".
(٦) في (ق) و (ك): "ثبت".
(٧) في (ن) و (ق): "فرق، ووقعت الفرقة".
(٨) في نسخة (د): "إجارة".
(٩) في (ق): "خرج".
(١٠) في المطبوع و (ن): "عن"، وما أثبتناه من (ق) و"مجموع الفتاوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>