للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير الجاني، وذلك لا يجوز كما لا يجوز عقوبة الحامل، ومنها عقوبة من أساء على الأمير في الغزو بحرمان سلب القتيل لمن قَتَله (١)، حيث شفع (٢) فيه هذا المسيء، وأمر الأمير بإعطائه، فحرم المشفوع له عقوبة للشافع الآمر.

[[التغريم نوعان: مضبوط، وغير مضبوط]]

وهذا الجنس من العقوبات نوعان: نوع مضبوط، ونوع غير مضبوط؛ فالمضبوط ما قابل المتلَف إما لحق اللَّه سبحانه كإتلاف الصيد في الإحرام أو لحق الآدمي كإتلاف ماله، وقد نَبَّه اللَّه سبحانه على أن تضمين الصيد متضمن للعقوبة بقوله: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: ٩٥] ومنه مقابلة الجاني بنقيض قصده من الحرمان، كعقوبة القاتل لمورِّثه بحرمان ميراثه، وعقوبة المدبَّر (٣) إذا قتل سيده ببطلان تدبيره، وعقوبة المُوصى له ببطلان وصيته، ومن هذا الباب عقوبة الزوجة الناشز (٤) بسقوط نفقتها وكسوتها. وأما النوع الثاني غير المُقدَّر فهو الذي (٥) يدخله اجتهاد الأئمة بحسب المصالح، ولذلك لم تأت الشريعة فيه بأمر عام، وقدر لا يزاد فيه ولا ينقص كالحدود، ولهذا اختلف الفقهاء فيه: هل حكمه منسوخ أو ثابت؟ والصواب أنه يختلف باختلاف المصالح، ويُرجع فيه إلى اجتهاد الأئمة في كل زمان ومكان بحسب المصلحة؛ إذ لا دليل على النسخ، وقد فعله الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من الأئمة (٦).

[[التعزير ومواضعه]]

وأما التعزير ففي كل معصية لا حد فيها ولا كفارة (٧)؛ فإن المعاصي ثلاثة


(١) وجدت في هذا حديثًا رواه سعيد بن منصور (٢٦٩٩)، ومسلم (١٧٥٣) في الجهاد: باب استحقاق القاتل سلب القتيل، وأبو داود (٢٧١٩) في الجهاد: باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى، من حديث عوف بن مالك الأشجعي.
(٢) في (ك) و (ق): "شفعه".
(٣) يقال: أعتق فلان عبده عن دبر، أي: بعد موته، يقال: دبرت العبد، إذا علّقت عتقه بموتك" (و).
(٤) في المطبوع: "الناشزة".
(٥) في (د): "فهو الذي".
(٦) انظر: "تهذيب السنن" (٢/ ١٩٣ - ١٩٤، ٣/ ٣٩١)، و"زاد المعاد" (٣/ ٣٤، ٢١٢)، و"الطرق الحكمية" (ص ١٢، ٣٠٧ - ٣٢٤)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ٣٣٢)، وانظر كتاب "الحدود والتعزيرات" (ص ٤٩٣ - ٥٠٠) للشيخ بكر أبو زيد.
(٧) انظر: "الطرق الحكمية" (ص ١٠٦)، وكتاب "الحدود والتعزيرات" (ص ٤٥٧ - ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>