للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل فقال: يا نبي اللَّه مررت بغَارٍ فيه شيء من ماء فحدَّثت نفسي بأن أقيم فيه فيقوتني ما فيه من ماء وأصيب ما حوله من البقل وأتخلّى عن الدنيا؟ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّي لم أُبعث باليهودية، ولا بالنصرانية، ولكني بعثت بالحنيفية السمحة، والذي نفس محمد بيده لغدوة أو روحة (١) في سبيل اللَّه خير من الدنيا وما فيها، ولمقام أحدكم في الصف خيرٌ من صلاته ستين سنة" (٢).

[فصل [فتاوى في أنواع البيوع]]

وأخبرهم أَنَّ اللَّه سبحانه وتعالى حرَّم عليهم بيع الخمر والميتة والخنزير والأنصاب (٣) فسألوه، وقالوا: أرأيت شحوم الميِّتة، فإنَّه يُطلى بها السفن ويُدهن بها الجلود ويَستصبح بها الناس؟ فقال: "هو حرام"، ثم قال: "قاتل اللَّه اليهود، إن (٤) اللَّه لما حرم عليهم شحومها جملوه، ثم باعوه وأكلوا ثمنه" (٥).

وفي قوله: "هو حرام" قولان:

أحدهما: أن هذه الأفعال حرام.

والثاني: أن البيع حرام، وإن كان المشتري يشتريه لذلك، والقولان مبنيان على أنَّ السؤال منهم هل وقع عن البيع لهذا الانتفاع [المذكور] (٦) أو وقع عن الانتفاع المذكور؟ والأول اختيار شيخنا، وهو الأظهر لأنه لم يخبرهم أولًا عن تحريم هذا الانتفاع حتى يذكروا له حاجتهم إليه، وإنما أخبرهم عن تحريم البيع، فأخبروه أنهم يبتاعونه لهذا لانتفاع فلم يرخص لهم في البيع، ولم ينههم عن


= (تنبيه): لفظ الحديث في "المسند" و"المعجم": فقلنا: يا رسول اللَّه: أهل الكتاب لا يتخففون ولا ينتعلون فقال: تخففوا وانتعلوا. . . قارن بما هو هنا!
(١) "الغدوة: المرة من الغدو، وهو سير أول النهار، نقيض الرواح" (و).
(٢) رواه أحمد (٥/ ٢٦٦)، والطبراني في "الكبير" (٧٨٦٨) من طريق أبي المغيرة: حدثنا معان بن رفاعة: أخبرني علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة به.
قال الهيثمي في "المجمع" (٥/ ٢٧٩): وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف.
أقول: وقوله: "بعثت بالحنيفية السمحة" سبق تخريجه.
وقوله: "لغدوة في سبيل اللَّه أو رحمة خير من الدنيا وما فيها" له شواهد في "الصحيح".
(٣) في المطبوع: "وعبادة الأصنام".
(٤) في المطبوع: "فان".
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>