للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإثمًا واستهزاء بدين اللَّه وشرعه ولعبًا بآياته؟ فهل يليق به مع ذلك رفع هذه العقوبة عنه وإسقاطها بالحيلة التي فعلها مضمومة إلى فعلها الفاحشة بأمه [وأخته] (١) وابنته؟ فأين القياسُ وذكر المناسبات والعلل المؤثرة والإنكار على الظاهرية؟ فهل بلغوا بالتمسك بالظاهر عُشْرَ مِعْشار هذا؟ والذي يقضي منه العجب أن يقال: لا يعتد بخلاف المتمسكين بظاهر القرآن والسنة، ويعتد بخلاف هؤلاء، واللَّه ورسوله منزَّه عن هذا الحكم.

وياللَّه العجب! كيف يَسقطُ القطعُ عمن اعتاد سرقة أموال الناس وكلما أمسك معه المال المسروق قال: هذا ملكي، والدار التي دخلتها داري، والرجل الذي دخلت داره عبدي؟ قال أرباب الحيل: فيسقط عنه الحد بدعوى ذلك، فهل تأتي بهذا سياسة قط جائرة أو عادلة، فضْلًا عن شريعة نبي من الأنبياء، فضْلًا عن الشريعة التي هي أكمل شريعة طرقت العالم؟

وكذلك الشارع أوجب الإنفاق على الأقارب؛ لما في ذلك من قيام مصالحهم ومصالح المنفق، ولما في تَرْكهم من إضاعتهم؛ فالتحيل لإسقاط الواجب بالتمليك في الصورة مناقضة لغرض الشارع وتتميم لغرض الماكر المحتال، وعَوْدٌ إلى نفس الفساد الذي قصد الشارع إعدامَه بأقرب الطرق، ولو تحيل هذا المخادع على إسقاط نفقة دَوابه لهلكوا، وكذلك ما فرضه اللَّه تعالى للوارث من الميراث هو حق له جعله أولى من سائر الناس به، فإباحةُ التحيل لإسقاطه بالإقرار بماله كله للأجنبي وإخراج الوارث مُضادَّة لشرع اللَّه ودينه ونقض لغرضه وإتمام لغرض المحتال، وكذلك تعليم المرأة أن تقر بدَيْنٍ لأجنبي إذا أراد زوجُهَا السفر بها.

[فصل [أكثر الحيل تناقض أصول الأئمة]]

وأكثر هذه الحيل لا تمشي على أصول الأئمة، بل تناقضها أعظم مناقضة. وبيانه أن الشافعي -رضي اللَّه عنه- يحرم مسألة مُدِّ عجوة ودرهم بمد ودرهم (٢)، ويبالغ في


(١) ما بين المعقوفتين من (ق) فقط.
(٢) في (د): "بمدين ودرهمين"، وقال (د): "في نسخة: "بمد ودرهم"، وهو يوافق ما يذكر بعد" اهـ. قلت: عند الشافعية: ما حرم فيه الربا لا يجوز بيع بعضه ببعض ومع أحد =

<<  <  ج: ص:  >  >>