للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[حديث العرزمي في الشفعة والكلام عليه]]

فإن قيل: قد قال الترمذي: "تكلَّم شعبة في عبد الملك من أجل هذا الحديث"، وقال وكيعٌ عنه: لو أن عبد الملك روى حديثًا آخر مثل حديث الشفعة لطرحت حديثه، وكذلك قال يحيى القطان (١). وقال أحمد: هو حديث منكر، وقال يحيى بن معين: هو حديث لم يحدث به إلا عبد الملك، فأنكَر الناس عليه، ولكنه ثقة صدوق (٢).

[[تصحيح الحديث]]

فالجواب أن عبد الملك هذا حافظ ثقة صدوق، ولم يتعرض له أحد بجرح ألبتَّة، وأثنى عليه أئمة زمانه وَمنْ بعدهم، وإنما أنكر عليه من أنكر هذا الحديث ظنًا منهم أنه مخالف لرواية الزّهريّ، عن أبي سلمة، عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرِفت الطرق فلا شفعة (٣) " ولا يحتمل مخالفة العرزمي (٤) لمثل الزهري، وقد صح هذا عن جابر من رواية الزهري عن أبي سلمة عنه (٥)، ومن رواية ابن جُريج عن أبي الزبير عنه (٦)، ومن حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه، فخالفهم العرزمي (٤)، ولهذا شهد الأئمة بإنكار حديثه، ولم يُقدّموه على حديث هؤلاء، قال مُهنَّا بن يحيى الشاميّ: سألت أحمد بن حنبل عن حديث عبد الملك هذا، فقال: قد أنكره شعبة، فقلت: لأي شيء أنكره؟ فقال: حديث الزهري عن أبي سلمة عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خلاف ما قال عبد الملك عن عطاء عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسنبين إن شاء اللَّه أن حديث عبد الملك [عن عطاء] (٧) عن جابر لا يناقض حديث أبي سلمة عنه، بل مفهومه موافق (٨) منطوقه، وسائر أحاديث جابر يصدق بعضها بعضًا.


(١) في (ك) و (ق): "وقال يحيى القطان كذلك".
(٢) انظر ما قدمناه في التخريج.
(٣) تقدم تخريجه وهو في "صحيح البخاري" (٢٢١٣، ٢٢١٤، ٢٢٥٧، ٢٤٩٥، ٢٤٩٦، ٦٩٧٦).
(٤) تصحفت في (ق) إلى: "العزرمي".
(٥) و (٦) ستأتي ولفظها في كلام المصنف قريبًا.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك) والمطبوع.
(٨) في المطبوع: "يوافق".

<<  <  ج: ص:  >  >>