للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لامتناع مَنْ يساويها من كل وجه أو لقربه (١) وإن اتفق مَنْ يساويها في النسب فنادر جدًا من يساويها (٢) في الصِّفات والأحوال التي يقل المهر بسببها ويكثر، فالجهالة التي في حجه بها دون هذا بكثير، وقلتم: لو تزوجها على عبد مطلق صح ولها الوسط، ومعلوم أن في الوسط من التفاوت ما فيه، وقلتم: لو تزوجها على أن يشتري لها عبدَ زيدٍ صحت التسمية، مع أنه غرر ظاهر؛ إذ تسليم المهر موقوف على أمر غير مقدور له، وهو رِضَى زيد ببيعه، ففيه من الخطر ما في رد [عبدها] (٣) السابق، وكلاهما أعظم خطرًا من الحج بها، وقلتم: لو تزوجها على أن يرعى غنمها مدة صح، وليس جهالة حملانها [إلى الحج] (٣) بأعظم (٤) من جهالة أوقات الرعي ومكانه، على أن هذه المسألة بعيدة من أصول أحمد ونصوصه، ولا تُعرف منصوصة عنه، بل نصوصه على خلافها، قال في رواية مهنأ، فيمن تزوج على عبد من عبيده جاز: وإن كانوا عشرةَ عبيدٍ يُعْطِي من أوسطهم، فإن تشاحَّا أقرع بينهما، قلت: وتستقيم القرعة في هذا؟ قال: نعم (٥)، وقلتم: لو خالعها على كفالة ولدها عشر سنين صح، وإن لم يذكر قدر الطعام والإدام والكسوة، فياللَّه العجب (٦)! أين جهالة هذا من جهالة حملانها إلى الحج؟!

[فصل]

وقالت (٧) الشافعية: له أن يجبر ابْنَتَه البالغة المفتية (٨) العالمة بدين اللَّه التي تفتي في الحلال والحرام على نكاحها بمن هي أكره الناس له، وأشد الناس نُفرة عنه بغيَر رضاها، حتَّى لو عينت كفوًا شابًا جميلًا ديِّنًا تحبّه وعَيَّنَ كفوًا شيخًا مشوّهًا دميمًا كان العبرة بتعيينه دونها، فتركوا مَحْضَ القياس والمصلحة ومقصود النكاح من الود والرحمة وحسن المعاشرة، وقالوا: لو أراد أن يبيع لها حَبْلًا (٩) أو عُودَ أراكٍ من مالها لم يصح إلَّا برضاها، وله أن يرقَّها مدة العمر عند مَنْ هي


(١) في (ق) و (ك): "من يساويهما من كل وجه والقرابة".
(٢) في (ق) و (ك): "وإن اتفق تساويهما في النسب فنادر جدًا تساويهما".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٤) في (ق): "أعظم".
(٥) نقل ابن رجب في "قواعده" (٣/ ٢٢١) (بتحقيقي) رواية مهنأ هذه.
(٦) في (د): "فياللعجب".
(٧) في (ق): "قالت".
(٨) في (ق): "المعنسة". وقال (د) و (ط): في نسخة: "الغنية".
(٩) قال (د) و (ط): في نسخة: "جلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>