للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا شيء عليه، واختارَ له أن يطوف وهو طاهر، وإن وطئ فحجه ماضٍ ولا شيء عليه، وقد تقدّم قول عطاء، ومذهب أبي حنيفة صحة الطواف بلا طهارة.

[[الجوامع والفوارق بين الطواف والصلاة]]

وأيضًا فإن الفوارق بين الطواف والصلاة أكثر من الجوامع؛ فإنه يباح فيه الكلام والأكل والشرب والعمل الكثير، وليس فيه تحريمٌ ولا تحليلٌ (١) ولا ركوع ولا سجود ولا قراءة ولا تشهد، ولا تجب له جماعة، وإنما اجتمع هو والصلاة في عموم كونه طاعة وقربة، وخصوص كونه متعلقًا بالبيت، وهذا لا يعطيه شروط الصلاة كما لا يعطيه واجباتها وأركانها.

وأيضًا فيقال: لا نُسلّم أن العلة في الأصل كونها عبادة متعلقة بالبيت ولم يذكروا على ذلك حجة واحدة، والقياس الصحيح ما تبيّن فيه أن الوصف المشترك بين الأصل والفرع هو علة الحكم في الأصل أو دليل العلة؛ فالأول: قياس. العلة، والثاني: قياس الدلالة.

وأيضًا فالطهارة إنما وجبت لكونها صلاة، سواء تعلّقت بالبيت أو لم تتعلق، ولهذا وجبت النافلة في السفر إلى غير القبلة، ووجبت حين كانت مشروعة إلى بيت المقدس، ووجبت لصلاة الخوف إذا لم يمكن الاستقبال.

وأيضًا فهذا القيام ينتقض بالنظر إلى البيت؛ فإنه عبادة متعلقة بالبيت.

وأيضًا فهذا قياس معارض بمثله، وهو أن يقال: عبادة مِنْ شَرْطها المسجد، فلم تكن الطهارة شرطًا فيها كالإعتكاف، وقد قال اللَّه تعالى: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: ١٢٥] وليس إلحاق الطائفين بالرُّكَّع السجود أولى من إلحاقهم بالعاكفين، بل إلحاقهم بالعاكفين أشبه؛ فإن المسجد شرطٌ في كلٍّ منهما بخلاف الركع السجود.

فإن قيل: الطائف لا بد أن يصلي ركعتي الطواف، والصلاة لا تكون إلا بطهارة.

قيل: وجوب ركعتي الطواف فيه نزاع، وإذا قيل بوجوبهما لم تجب الموالاة بينهما وبين الطواف، وليس اتصالهما بأعظم من اتصال الصلاة بالخطبة يوم الجمعة، ولو خطب مُحْدثًا ثم توضأ وصلَّى الجمعة جاز؛ فجواز طوافه محدثًا ثم


(١) في (ق) و (ك): "تحليل ولا تحريم".

<<  <  ج: ص:  >  >>