للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل] (١) [عن تمليك الرجل امرأته الطلاق]

وأما نقضكم الثاني بتمليك الرجل امرأتَه الطلاقَ وتضييقه على نفسه بما وَسّع اللَّه سبحانه عليه مِنْ جَعْله بيده، فجوابه من وجوه:

أحدها: أنه بالتمليك لم يخرج الطلاق عن يده، بل هو في يده كما هو، هذا إن قيل: إنه تمليك، وإن قيل: إنه توكيل فله عَزْلُهَا متى شاء.

الثاني: أن هذه المسألة (٢) فيها نزاع معروف بين السلف والخلف؛ فمنهم من قال: لا يصح تمليك المرأةِ الطلاقَ ولا توكيلها فيه، ولا يقع الطلاق إلا ممن أخذ بالساق، وهذا مذهب أهل الظاهر، وهو مأثور عن بعض السلف؛ فالنقض بهذه الصورة يستلزم إقامة الدليل عليها، والأدنى (٣) لا يكون دليلًا. ومن هنا قال بعض أصحاب مالك: إنه إذا علَّق اليمين بفعل الزوجة لم تطلق إذا حنث؛ لأن (٤) اللَّه تعالى مَلَّكَ الزوجَ الطلاقَ، وجعله بيده رحمةً منه، ولم يجعله إلى المرأة؛ فلو وقع الطلاق بفعلها لكان إليها إن شاءت أن تفارِقَه وإن شاءت أن تقيمَ معه، وهذا خلاف شَرْع اللَّه، وهذا أحد الأقوال في مسألة تعليق الطلاق بالشرط كما تقدم (٥).

والثاني: أنه لغو وباطل، وهذا اختيار أبي عبد الرحمن ابن بنت (٦) الشافعي ومذهَبُ أهل الظاهر

والثالث: أنه موجب لوقوع الطلاق عند وقوع الصفة، سواء كان يمينًا أو تعليقًا محضًا، وهذا المشهور عند الأئمة الأربعة وأتباعهم.

والرابع: أنه إن كان بصيغة التعليق لزم، وإن كان بصيغة القسَم والالتزام لم يلزم إلا أن ينويه، وهذا اختيار أبي المحاسن الروياني وغيره.

والخامس: أنه إن كان بصيغة التعليق وقع، وإن كان بصيغة القَسَم والالتزام لم يقع وإن نواه، وهذا اختيار القَفَّال في "فتاويه".


(١) سقط من (ق).
(٢) أفردها ابن عظوم في رسالة "التمليك"، وهي مطبوعة.
(٣) في المطبوع: "والأول"، وفي (ك): "والأوهن".
(٤) في المطبوع: "قال: لأن".
(٥) انظر: "رسالة التمليك" (٣٨ - ٣٩).
(٦) في (ق): "بدر"!!

<<  <  ج: ص:  >  >>