للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقسم شيخ الإسلام [ابن تيمية قدس اللَّه روحه] الغضب إلى ثلاثة أقسام (١): قسم يزيل العقل كالسكر، فهذا لا يقع معه طلاق بلا ريب. وقسم يكون في (٢) مبادئه بحيث لا يمنعه من تصور ما يقول وقصده، فهذا يقع معه الطلاق (٣)، وقسم يشتد بصاحبه، ولا يبلغ به زوال عقله، بل يمنعه من التثبت والتروي (٤) ويخرجه عن حال اعتداله، فهذا محل اجتهاد (٥).

[[التحقيق في مسألة طلاق الإغلاق]]

والتحقيق أن الغلق يتناول كل من انغلق عليه طريق قصده وتصوره كالسكران والمجنون والمبرسم (٦) والمكره والغضبان، فحال هؤلاء كلهم حال إغلاق، والطلاق إنما يكون عن وَطَر، فيكون عن قصد من المطلق وتصور لما يقصده، فإن تخلف أحدهما لم يقع طلاقه (٧)، وقد نص الإمام مالك والإمام وأحمد (٨) في إحدى الروايتين عنه فيمن قال لامرأته: "أنت طالق ثلاثًا" ثم قال: أردت أن أقول: إن كلَّمتِ فلانًا، أو خرجت من بيتي بغير إذني، ثم بدا لي فتركت اليمين، ولم أُرِدْ التَّنجيز في الحال، إنه لا تطلق عليه، وهذا هو الفقه بعينه لأنه لم يرد التنجيز، ولم يتم اليمين. وكذلك لو أراد أن يقول: "أنت طاهر" فسبق لسانه فقال: "أنت طالق" لم يقع طلاقه، لا في الحكم الظاهر ولا فيما بينه وبين اللَّه عز وجل (٩)، نص عليه الإمام أحمد في إحدى الروايتين، والثانية لا يقع


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٤/ ١١٦ - ١١٨)، و"تيسير الفقه الجامع للاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية" (٢/ ٧٨٩ - ٨٩١) تأليف د/ أحمد موافي، و"الاختيارات الفقهية" (ص ٢٥٤ - ٢٥٥)، وانظر للمصنف: "زاد المعاد" (٥/ ٢١٥ - ط مؤسسة الرسالة)، و"إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان" (ص ٣٩ - ط المكتب الإسلامي)، وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) سقط من (ك).
(٣) في (ق): "يقع منه الطلاق"، وفي (ك): "فهذه" بدل "فهذا".
(٤) قال (د): "في جميع المطبوعات: "والتردي" تحريف".
(٥) قال المصنف -رحمه اللَّه- في "الزاد": "وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه".
(٦) المبرسم: هو المصاب بمرض "البرسام"، وهو ورم حاد في الحجاب الذي بين الكبد والأمعاء، ثم يتصل بالدماغ، فيهذي منها المريض.
انظر: "اللسان" (١/ ٢٥٧ - دار المعارف)، و"معجم مقاييس اللغة" (١/ ٢٧٢).
(٧) في المطبوع: "لم يقع طلاق".
(٨) في المطبوع: "مالك والإمام أحمد".
(٩) في المطبوع و (ك): "وبين اللَّه تعالى".

<<  <  ج: ص:  >  >>