للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان صغيرًا توجَّهَت اليمين على المُدَّعى عليه فإن نكلَ قُضي به للمدَّعِي، وغرم قيمته لمن أقر له به؛ لأنه بنكوله قد فوَّته عليه.

[[إبطال حيلة لإسقاط القصاص]]

وكذلك إذا جرح رجلًا، فخشيَ أن يموت من الجرح، فدفع إليه دواء مسمومًا فقتله.

قال أرباب الحيل: يسقط عنه القصاصُ، وهذا خطأ عظيم، بل يجب عليه القصاصُ بقتله بالسُّم، كما يجب عليه بقتله بالسيف، ولو أسقط الشارعُ القتلَ عمن قَتَل بالسم لما عجز قاتل عن قتل من يريد قتله به آمنًا؛ إذ قد علم أنه لا يجبُ عليه القَوَد، وفي هذا من فساد العالم ما لا تأتي به شريعة.

[[إبطال حيلة لإخراج الزوجة من الميراث]]

وكذلك وإذا أراد إخراج زوجته من الميراث في مرضه، وخاف أن الحاكم يُورِّث المبتوتة، قالوا: فالحيلة أن يقر أنه كانْ طلَّقها (١) ثلاثًا، وهذه حيلة مُحَرمة باطلة لا يحل تعليمها، ويفسق من علَّمها المريض، ويستحق عقوبة اللَّه ومع ذلك فلا تنفذ، فإنه كما هو متَّهم بطلاقها فهو متهم بالإقرار بتقدّم الطلاق على المرض، وإذا كان الطلاق لا يمنع الميراث بالتهمة (٢) فالإقرار لا يمنعه للتهمة، ولا فرق بينهما؛ فالحيلة باطلة محرَّمة.

[إبطال حيلة لإسقاط الزكاة]

وكذلك إذا كان في يده نصاب فباعه أو وهبه قبل الحَوْلِ، ثم استردَّه، قال أرباب الحيل: تسقط عنه الزكاة، بل لو ادّعى ذلك لم يأخذ العامل زكاته، وهذه حيلة محرمة باطلة، ولا يُسْقِط ذلك عنه فَرْضَ اللَّه الذي فرضه وأوعده (٣) بالعقوبة الشديدة مَنْ ضيَّعه وأهْمَلَه، فلو جاز إبطاله بالحيلة التي هي مكر وخداع لم يكن في إيجابه والوعيد على تركه فائدة.

وقد استقرت سنة اللَّه في خلقه شرعًا وقدرًا على معاقبة العبد بنقيض قصده،


(١) في (ن): "مطلقًا".
(٢) كذا في (ك)، وفي سائر الأصول: "للتهمة".
(٣) في (ك) و (ق): "وأوعد"

<<  <  ج: ص:  >  >>