للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطائفتين، وإلا فليلزم (١) حدَّه، ولا يتعدى طَوْرَه، ولا يمد إلى العلم الموروث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- باعًا يقصر عن الوصول إليه، ولا يَتَجر بنقدٍ زائفٍ لا يروج عليه، ولا يتمكن من الفصل بين المقالين (٢) إلا من تجرد للَّه مسافرًا بعزمه وهمته إلى مطلع الوحي، مُنْزِلًا نفسَه منزلَةَ من يتلقاه غضًّا طريًا مِنْ في رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعرض عليه آراء الرجال ولا يعرضه عليها، ويحاكمها إليه ولا يحاكمه إليها.

[[قاعدة شرعية هي مقدمة للفصل بين الفريقين]]

فنقول وباللَّه التوفيق:

إن اللَّه تعالى وضع الألفاظ بين عباده تعريفًا ودلالةً على ما في نفوسهم، فإذا أراد أحدهم من الآخر شيئًا عرفه بمراده وما في نفسه بلفظه، ورتب على تلك الإرادات والمقاصد أحكامَهَا بواسطة الألفاظ، ولم يرتِّب تلك الأحكام على مجرد ما في النفوس من غير دلالة فعل أو قول، ولا على مجرد ألفاظ مع العلم بأن المتكلم بها لم يُرِد معانيها ولم يُحِطْ بها علمًا، بل تجاوز للأمة عما حَدَّثَتْ به أنفُسَها ما لم تعمل به أو تكلَّم به (٣)، وتجاوز لها عما تكلَّمت به مخطئة أو ناسية أو مكرهة (٤) أو غير عالمة به إذا لم تكن مريدة لمعنى ما تكلَّمت به أو قاصدة


(١) في المطبوع: "فيلزم".
(٢) في (و)، و (ن): "المقاتلين".
(٣) رواه البخاري (٢٥٢٨) في (العتق)؛ باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق. . .، و (٥٢٦٩) في (النكاح): باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران، و (٦٦٦٤) في الأيمان والنذور: باب إذا حَنِثَ ناسيًا في الأيمان، ومسلم (١٢٧) في (الإيمان): باب تجاوز اللَّه عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر من حديث أبي هريرة.
(٤) أخرجه ابن ماجه في "السنن" (كتاب الطلاق): باب طلاق المكره والناسي (١/ ٦٥٩/ رقم ٢٠٤٥) من طريق الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس رفعه بلفظ: "إن اللَّه تجاوز لي عن أمتي. . . "، وسيذكره المؤلف بعد قليل.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ٩٥)، والدارقطني في "سننه" (٤/ ١٧٠ - ١٧١)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ١٩٨)، والطبراني في "الصغير" (٧٦٥)، والبيهقي في "الكبرى" (٧/ ٣٥٦) وابن حبان في "صحيحه" (رقم ٢٠٤٥) وابن حزم في "الإحكام" (٥/ ١٤٩) من طريق الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس مرفوعًا.
وهذا إسناد صحيح، وقد أعله أحمد في "العلل" (١/ ٢٢٧) بالنكرة، وأبو حاتم في "العلل" (١/ ٤٣١) بالانقطاع؛ فقال: "لم يسمع الأوزاعي هذا الحديث من عطاء!! ورجح شيخنا الألباني في "الإرواء" (رقم ٨٢) صحة هذا الطريق.
وأخرجه الفضل بن جعفر التيمي المعروف بـ"أخي عاصم" في "فوائده" -كما في =

<<  <  ج: ص:  >  >>