للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣]، وأنكر تعالى على مَنْ حاج في دينه بما ليس له به علم فقال: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [آل عمران: ٦٦] ونَهى أن يقولَ أحدٌ هذا حلال، وهذا حرام لما لم يحرمه اللَّه ورسوله نصًا، وأخبر أن فاعل ذلك مُفْترٍ عليه الكذبَ (١)، فقال: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: ١١٦] والآيات في هذا المعنى كثيرة.

[[الدليل من السنة على تحريم الإفتاء بغير النص]]

وأما السنة ففي: "الصحيحين" من حديث ابن عَبَّاس أن هلال بن أمية قذف امرأته بشَريك بن سخماء عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر حديث اللعان وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبصِروها (٢)؛ فإن جاءت به أكْحل العينين سابغ الألْيتين خَدَلَّج الساقين (٣) فهو لشَريك بن سَحماء، كان جاءت به كذا وكذا فهو لهلال بن أمية" (٤) فجاءت به على النعت المكروه فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لولا ما مضى من كتاب اللَّه لكان لي ولها شأن" (٥) يريد- واللَّه ورسوله أعلم- بكتاب اللَّه قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٨] ويريد بالشان واللَّه أعلم أنه كان يحدها لمشابهة ولدها للرجل الذي رُميت به، ولكن كتاب اللَّه فصل الحكومة، وأسقط كل قول وراءه، ولم يبق للاجتهاد بعده موقع.


(١) في المطبوع: "مفتر على اللَّه الكذب".
(٢) في (ق): "أبصرها".
(٣) "خدلج الساقين: عظيمهما" (و).
(٤) رواه البخاري (٢٦٧١) في (الشهادات): باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمسِ البيَّنة، و (٤٧٤٧) في (التفسير): سورة النور، باب {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨)}، و (٥٣٠٧) في (الطلاق): باب يبدأ الرجل بالتلاعن، من حديث ابن عباس. ولم يخرجه مسلم من حديثه وانما أخرجه مسلم (١٤٩٦) في (اللعان): من حديث أنس.
ثم وجدت لابن عباس حديثًا في "الصحيحين"؛ لكن ليس فيه تصريح بقذف هلال لشريك بل ظاهره في قذف عويمر العجلاني لامرأته، انظره في "صحيح البخاري" (٥٣١٠ و ٥٣١٦ و ٦٨٥٥ و ٦٨٥٦ و ٧٢٣٨)، ومسلم (١٤٩٧).
(٥) قطعة من الحديث السابق، وانظر "الموافقات" (٢/ ٤٧٠ - بتحقيقي).

<<  <  ج: ص:  >  >>