للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للإمام أن يقرره تمام النصاب، بل إذا سكت لم يتعرض له (١)؛ فإن كان الإمام ممن يَرَى وجوب الحد بالمرة الواحدة؛ فالحيلة أن يرجع عن إقراره فيسقط عنه الحد؛ فإذا خاف من إقامة البينة عليه أقر أيضًا ثم رجع، وهكذا أبدًا، وهذه الحيلة جائزة؛ فإنه يجوز له دَفْعُ الحد عن نفسه، وأن يُخْلِد إلى التوبة، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للصحابة لما فَرَّ ماعز من الحد: "هَلَّا تركتموه يتوب فيتوب اللَّه عليه" (٢) فإذا فر من الحد إلى التوبة فقد أحسن (٣).

[[حيلة في الخلاص من الحنث بيمين]]

المثال السادس (٤) والخمسون: إذا حَلَفَ لغادر أو جاسوس أو سارق أن لا يخبر به أحدًا، ولا يدل عليه، فأراد التخلص من هذه اليمين وأن لا يخفيه، فالحيلة أن يسأل عن أقوام هو من جملتهم؛ فإذا سُئل عن غيره قال: لا، فإذا انتهت النوبة إليه سكت؛ فإنه لا يحنث ولا يأثم بالسَّتْر عليه وإيوائه، وسئل أبو حنيفة رحمه اللَّه عن هذه المسألة بعينها، قال له السائل: نزل بي اللصوص؛ فأخذوا مالي واستحلفوني (٥) بالطلاق ألا أخبر أحدًا بهم، فخرجت فرأيتهم يبيعون مَتَاعي في السوق جَهْرة، فقال له: اذهب إلى الوالي فقل له يجمع أهل المحلة أو السكة الذين هم فيهم ثم يحضرهم ثم يسألك عنهم واحدًا واحدًا؛ فإذا سالك عمن ليس منهم، فقل: ليس منهم، وإذا سألت عمن هو منهم فاسكت؛ ففعل الرجل، فأخذ الوالي متاعه منهم، وسلمه إليه (٦).

فلو عملت هذه الحيلة مع مظلوم لم تنفع، وحنث الحالف؛ فإن المقصود الدفع عنه، وبالسكوت قد أعان عليه، ولم يدفع عنه.

[[حيلة لأبي حنيفة في الطلاق]]

المثال السابع (٧) والخمسون: ما سئل عنه أبو حنيفة رحمه اللَّه عن امرأة قال لها زوجها: أنت طالق إذا (٨) سألتيني الخلع إن لم أخلعك؛ وقالت المرأة: كل


(١) في (ن) و (ك) و (ق): "لم يعرض له".
(٢) سبق تخريجه.
(٣) انظر: "الحدود والتعزيرات" (ص ١٥٩ - ١٦٠) للشيخ بكر أبو زيد -حفظه اللَّه-.
(٤) في (ك) و (ق): "الرابع".
(٥) في (ق): "وأحلفوني".
(٦) ذكرها محمد بن الحسن في كتابه "المخارج في الحيل" (ص ٤٧).
(٧) في (ك) و (ق): "الخامس".
(٨) في (ك) و (ق): "إن".

<<  <  ج: ص:  >  >>