للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِسلام ولو بشطر كلمة خيرًا، ومَنْعُ هذا من الإفتاء بما عَلِم خطأ محض، وباللَّه التوفيق.

[[من تصدر للفتوى من غير أهلها أثم]]

الفائدة الثالثة والثلاثون: من أفتى الناس وليس بأهل للفتوى فهو آثم عاص، ومن أقرَّه من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضًا.

قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه اللَّه (١): "ويلزم ولي الأمر منعهم، كما فعل بنو أمية، وهؤلاء بمنزلة من يدلّ الركب وليس له علم بالطريق، وبمنزلة الأعمى الذي يرشد الناس إلى القبلة، وبمنزلة من لا معرفة له بالطبِّ، وهو يطب الناس، بل هو (٢) أسوأ حالًا من هؤلاء كلهم، وإذا تعيَّن على ولي الأمر منع من لم يحسن التطبب من مداواة المرضى، فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة، ولم يتفقه في الدين"؟

وكان شيخنا -رضي اللَّه عنه- (٣) شديد الإنكار على هؤلاء فسمعته يقول: قال لي بعض هؤلاء: أجعلت (٤) محتسبًا على الفتوى؟ فقلت له: يكون على الخبازين والطباخين محتسبٌ، ولا يكون على الفتوى محتسب؟

وقد روى الإِمام أحمد، وابن ماجه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منه [مرفوعًا] (٥): "من أفتى بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه" (٦)، وفي "الصحيحين" من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص [-رضي اللَّه عنهما-] (٥) عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" (٧)، وفي


(١) في رسالته "تعظيم الفتيا"، وهي نسخة خطية محفوظة في مكتبة شستربتي في (٩) ورقات، برقم (٣٨٢٩) وفي وسطها سقط وهذا النقل منه، إذ لم أظفر بهذا النقل في المخطوط، انظر: "فهرس المخطوطات العربية مكتبة شستربتي" (١/ ٤٨٣)، "مؤلفات ابن الجوزي" (ص ١١٠).
(٢) في (ق) و (ت): "بل هؤلاء".
(٣) في (ق): "رحمه اللَّه".
(٤) في (ق): "جعلت".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) سبق تخريجه، ونص الحديث في (ق): "من أفتى الناس بغير علم كان إثمه على الذي أفتاه"، ونصه في (ت): "من أفتا بفتيا بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه".
(٧) رواه البخاري (١٠٠) في (العلم): باب كيف يطلب العلم، و (٧٣٠٧) في (الاعتصام): باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس، ومسلم (٢٦٧٣) في (العلم): باب رفع العلم وقبضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>