للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما خرجنا قال: علامَ شهدتم؟ قلنا: أشْهَدْتَنا أنك جعلت الجارية لها، قال: أما رأيتموني أشير إلى المروحة؟ (١).

[قولهم لا بأسَ بالحيل]

وقال محمد بن الحسن، عن عمرو بن ذر (٢) عن الشعبي: لا بأس بالحيل فيما يحل ويجوز، وإنما الحيل شيء يتخلَّص به الرجل من [المآثم و] الحرام (٣)، ويخرج به (٤) إلى الحلال، فما كان من هذا ونحوه فلا بأس به، وإنما يكره من ذلك أن يحتال الرجل في حق الرجل حتى يُبْطله، أو يحتال في باطل حتى يُوهم أنه حق (٥)، أو يحتال في شيء حتى يدخل فيه شبهة، وأما ما كان على السبيل (٦) الذي قلنا فلا بأس بذلك (٧).

[[استدلالهم بالقرآن]]

قالوا: وقد قال اللَّه تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] وقال غير واحد من المفسرين: مخرجًا مما ضاق على الناس، ولا ريب أن هذه الحيلَ مخارجُ مما ضاق على الناس، ألا ترى أن الحالف يضيق عليه إلزام (٨) ما حلف عليه، فيكون له بالحيلة مخرج منه، وكذلك الرجل تشتد به الضرورة إلى نفقة ولا يجد مَنْ يُقْرضه فيكون له من هذا الضيق مخرج بالعِينة والتورق (٩) ونحوهما، فلو لم يفعل ذلك لهلك ولهلكت عياله، واللَّه تعالى لا يشرع ذلك، ولا يضيق عليه (١٠) شرعه الذي وسع جميع خلقه؛ فقد دار أمره بين ثلاثة لا بد له من واحد منها: إما إضاعة نفسه وعياله، وإما الربا صريحًا، وإما المخرج من هذا الضيق [بهذه


(١) أخرجه الخصات في "الحيل" (ص ٤) من طريق حجاج به.
(٢) كذا في (ن) و (ك) و (ق) و (ح)، وفي باقي النسخ: "بن دينار"!! وهو أعلى طبقة من هذا، وترجم الخطيب في "المتفق" (٣/ ١٦٨٨ - ١٦٩٠) لثلاثة ممن يتسمى بهذا الاسم، ليس من بينهم أحد يروي عن الشعبي وفي مطبوع "الحيل" للخصاف: "عمرو بن زر"!!
(٣) في (ن): "الجرائم"، وفي (ق): "يتخلص به من الجرائم".
(٤) كذا في المطبوع و"الحيل"، وفي النسخ الخطية: "بها".
(٥) في مطبوع "الحيل": "حتى يموهه".
(٦) في مطبوع "الحيل": "فأسا ما كان على هذا القبيل".
(٧) الحيل (ص ٤).
(٨) كذا في الأصول، ولعل الصواب: "التزام".
(٩) مضى التعريف به.
(١٠) في (ك) و (ق): "عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>