للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤]، فما لم يَقُلْه [سبحانه] (١)، ولا هَدَى إليه فليس من الحق، وقال [تعالى] (١): {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص: ٥٠]، فقسم الأمور قسمين (٢) لا ثالث لهما: اتِّباعٌ لِما دعا إليه الرسول، واتباع الْهَوَى.

فصل [لم يأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقياس بل نهى عنه]

والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَدْعُ أمته إلى القياس قط، بل قد صحَّ عنه أنه أنكر على عمر وأسامة محض القياس في شأن الحُلَّتين اللتين أرسل بهما إليهما فلبسها أسامة قياسًا للبس على التَّملُّك والانتفاع [والبيع] (٣) وكسوتها لغيره، وردها عمر قياسًا لتملكها على لبسها، فأسامة أباح، وعمر حَرَّم [قياسًا] (١)، فأبطل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كل واحد من القياسين، وقال لعمر: "إنما بعثت بها إليك لتسْتَمتِعَ بها"، وقال لأسامة: "إني لم أبعثها إليك لتلبَسَها، ولكن بعثت بها إليك (٤) لتُشقِّقها خُمْرًا لنسائك" (٥)، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّما تقدَّم إليهم في الحرير بالنَّص على تحريم لبسه فقط (٦)، فقاسا قياسًا أخطآ فيه، فأحدهما قاس اللبس على الملك، وعمر قاس التملك على اللبس، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أن ما حرَّمه من اللبس لا يتعدى إلى غيره، وما أباحه من التملك لا يتعدى إلى اللبس، وهذا عينُ إبطال القياس.

وصح عنه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (٧) ما رواه أبو ثعلبة الخُشَنيُّ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "إن اللَّه فرض فرائض فلا تُضَيِّعُوها، وحَدَّ حدودًا فلا تعتدوها، ونهى عن أشياء


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) في المطبوع و (ن): "إلى قسمين".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في المطبوع و (ن): "ولكن بعثها إليك".
(٥) رواه أحمد (٢/ ٣٩ - ٤٠)، والبخاري (٢١٠٤) في (البيوع): باب التجارة فيما يُكره لبسه للرجال والنساء، و (٥٨٤١) في (اللباس): باب الحرير للنساء، و (٦٠٨١) في (الأدب): باب من تجمل للوفود، ومسلم (٢٠٦٧ بعد ٧) في (اللباس والزينة): باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، من حديث ابن عمر.
وفي (ق) و (ك): "بين نسائك".
(٦) روى البخاري (٥٨٣٢) في (اللباس): باب في لبس الحرير للرجال وقدر ما يجوز منه، ومسلم (٢٠٧٣) في (اللباس): باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة، من حديث أنس بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحرير: "من لبسه في الدنيا، لم يلبسه في الآخرة".
والأحاديث في الباب كثيرة.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>